للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَفْظُ الصُّلْحِ يَحْتَمِلُ إسْقَاطَ بَعْضِ الْبَدَلِ لَا كُلِّهِ وَفِي الْإِبْرَاءِ إسْقَاطُ الْكُلِّ وَلَوْ قَالَ مَا صَنَعْت فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ أَجْزَأَتْ الْبَرَاءَةُ وَالصُّلْحُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَجَازَ صُنْعَهُ مُطْلَقًا وَإِسْقَاطُ الْبَعْضِ بِالصُّلْحِ أَوْ الْكُلِّ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ صُنْعِهِ فَلِهَذَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ قَدْ جَعَلْته وَكِيلًا فِي الصُّلْحِ وَأَمَرْته بِالْقَبْضِ فَصَالَحَ عَنْهُ فَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْقَبْضِ نَصًّا وَلَوْ صَالَحَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِقَبْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ جَازَ فَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُ بِالصُّلْحِ وَالْقَبْضِ

قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الشَّاجُّ وَكِيلًا بِمَا يُدَّعَى قِبَلَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ وَلَا يُخَاصِمَ وَلَا يَصْنَعَ شَيْئًا لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يُعَيِّنْ مُرَادَهُ عِنْدَ التَّوْكِيلِ فَكَانَ عَاجِزًا عَنْ تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ

قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ بِالصُّلْحِ عَنْ جِنَايَةٍ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ ثُمَّ صَالَحَ الْوَكِيلُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِعَجْزِهِ وَضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي رَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ صَالَحَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ وَعَجْزُهُ يَتَضَمَّنُ عَزْلَ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى لَا فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ التَّوْكِيلِ بَعْدَ عَجْزِهِ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ وَكَذَلِكَ الْعَجْزُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُطَالَبًا بِالْمَالِ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ إذَا عَتَقَ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي حَقِّهِ صَحِيحٌ وَعَلَى هَذَا تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالصُّلْحِ عَنْ جِنَايَةِ عَبْدِهِ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ

قَالَ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِالصُّلْحِ فِي شَجَّةٍ اُدُّعِيَتْ قِبَلَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ كَانَ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ انْقَطَعَ رَأْيُ الْمُوَكِّلِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ صَالَحَ الْوَكِيلُ وَضَمِنَ جَازَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي الصُّلْحِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَمَاتَ الطَّالِبُ فَصَالَحَ الْوَكِيلُ وَرَثَتَهُ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ وَرَثَةَ الطَّالِبِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِمُوجَبِ الشَّجَّةِ

قَالَ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالصُّلْحِ فِي مُوضِحَةٍ شَجَّهَا إيَّاهُ رَجُلٌ فَصَالَحَ عَلَى الْمُوضِحَةِ الَّتِي شَجَّهَا فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ عَرَّفَهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى فُلَانٍ وَمَحَلُّ فِعْلِ فُلَانٍ مَعْلُومٌ مُعَايَنٌ فَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْيَدُ وَالْعَيْنُ وَالسِّنُّ فَإِنْ قَالَ عَلَى الْيَدِ الْيُسْرَى وَالْمَقْطُوعَةُ هِيَ الْيُمْنَى فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى مَا لَيْسَ بِحَقٍّ لَهُ وَلَوْ صَالَحَ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ عَمَّا لَيْسَ بِحَقٍّ لَهُ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا فَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ إذَا صَالَحَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ وَكَالَةِ الْوَكِيلِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ أَوْ الْمَجْنُونَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>