للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَخَلَ بِهَا: فَإِنْ أَقَرَّ لَهَا بِمَهْرِهَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ بِسَبَبٍ لَا يَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ - فَاسِدًا كَانَ النِّكَاحُ أَوْ صَحِيحًا -). وَإِنْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ غَيْرِ الْمَهْرِ؛ لَزِمَهَا جَمِيعًا لِأَنَّ هَذِهِ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَلَكِنَّهَا تَجِبُ لِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ بِالْمَاءِ. أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى بِاعْتِبَارِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ، (وَكَذَلِكَ) لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ؛ لَزِمَهُمَا جَمِيعًا - وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّتِهِ - لِأَنَّ هَذِهِ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ. أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى بِاعْتِبَارِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ وَالسُّوقِ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ - بِخِلَافِ عِدَّةِ النِّكَاحِ - وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ بِخِلَافِ عِدَّةِ النِّكَاحِ؛ فَلِهَذَا كَانَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ لَهَا حَتَّى يَثْبُتَ الْمُقِرُّ بِهِ فِي حَقِّهِمَا، وَيَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَةِ.

قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ الْمُفَاوِضَةِ بِالدَّيْنِ لِزَوْجِهَا عَلَى شَرِيكِهَا، كَمَا لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهَا لَهُ) وَيَجُوزُ إقْرَارُهَا بِالدَّيْنِ لِأَبَوَيْ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا عَلَيْهَا وَعَلَى شَرِيكِهَا، كَمَا يَجُوزُ شَهَادَتُهَا.

[أَعْتَقَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا]

قَالَ: (وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا؛ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي غَيْرِ الْمُفَاوِضِ) لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ مِمَّا تَقْتَضِيهِ الْمُفَاوَضَةُ، وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ إعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ.

قَالَ: (وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: كُنْت كَاتَبْت هَذَا الْعَبْدَ فِي الشَّرِكَةِ؛ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ، وَصِحَّةُ إقْرَارِ الْمُقِرِّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ لِلْإِنْشَاءِ، وَلَكِنَّ إقْرَارَهُ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ صَحِيحٌ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَإِنْشَاءِ مُكَاتَبَتِهِ، وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرُدَّهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ مَا يَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ صَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ مُكَاتَبًا، فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى الْعِلْمِ، فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاتَبَ فِي الْمُفَاوَضَةِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الشَّرِكَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ إقْرَارَهُ يَصِحُّ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ خَاصَّةً، وَلَا يَشْتَغِلُ بِاسْتِحْلَافِ الْآخَرِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ الْعِتْقَ فِي حَالِ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَنْفُذْ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ.

قَالَ: (فَإِنْ تَفَرَّقَا وَأَشْهَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ شَرِكَةٍ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَدْ كُنْت أَعْتَقْت هَذَا الْعَبْدَ فِي الشَّرِكَةِ وَقَدْ دَخَلَ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِيمَا تَرَتَّبَ إلَيْك مَرَّةً، فَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي عِتْقِهِ وَقَالَ: كُنْت اخْتَرْت اسْتِسْقَاءَ الْعَبْدِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ) لِأَنَّ الْخِيَارَ إلَيْهِ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّ حَقِّهِ، فَلَا يَمْلِكُ الْمُقِرُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>