الْإِخْوَةُ، ثُمَّ الْإِخْوَةُ لِأُمٍّ اعْتَبَرْنَاهَا فِي التَّرْجِيحِ وَيَقْوَى السَّبَبُ بِهَا حَتَّى يَنْعَدِمَ الْأَخُ لِأَبٍ فَلَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ بِهَا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ لِلْجَدَّاتِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْإِدْلَاءِ لِمَا قَرَّرْنَا أَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْإِنَاثِ لَا يُؤَثِّرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْفَرِيضَةِ بِمِثْلِ سَبَبِ الْمُدْلَى بِهِ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِاسْمِ الْجَدَّةِ وَبِتَعَدُّدِ الْجِهَةِ لَا بِتَعَدُّدِ الِاسْمِ فِي الَّتِي لَهَا قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُسَاوَاةُ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ الْمُسَاوَاةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَبِتَعَدُّدِ الْعِلَّةِ لَا يَزْدَادُ الِاسْتِحْقَاقُ كَمَا لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ عَلَى مِلْكِ عَيْنٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ عَشَرَةً مِنْ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَمَنْ جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً وَاحِدَةً وَجَرَحَهُ آخَرُ عَشَرَ جِرَاحَاتٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَالدِّيَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ فَقَدْ اعْتَبَرْنَا الْإِدْلَاءِ فِي حُكْمِ الْحَجْبِ كَمَا قَرَّرْنَا فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ، وَهَذَا لِأَنَّ حُكْمَ الْحَجْبِ غَيْرُ حُكْمِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِحُكْمٍ عَلَى حُكْمٍ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا عُرِفَتْ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فَبَانَ أَنَّ اعْتِبَارَ الْإِدْلَاءِ فِي حُكْمِ الْحَجْبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبَبَيْنِ هُنَاكَ مُعْتَبَرٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَعْنِي الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ مَعَ الْعُصُوبَةِ بِالْأُمُومَةِ وَالزَّوْجِيَّةَ مَعَ الْعُصُوبَةِ وَالْأُخْتِيَّةَ مَعَ الْأُمُومَةِ فِي حَقِّ الْمَجُوسِيِّ. فَإِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبَبَيْنِ هُنَاكَ مُعْتَبَرًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ جَعَلْنَا الِاسْتِحْقَاقَ مَبْنِيًّا عَلَى السَّبَبِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا.
[فَصْلٌ التَّثْبِيتُ فِي الْجَدَّاتِ]
قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْجَدَّاتُ فِي الْأَصْلِ سِتَّةٌ جَدَّتَاك وَجَدَّتَا أَبِيك وَجَدَّتَا أُمِّك وَهِيَ الْأُصُولُ فِي الْجَدَّاتِ إذْ لَمْ يَتَفَرَّعْ بَعْضُهُنَّ مِنْ بَعْضٍ، وَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْجَدَّاتِ فِي الْمَعْنَى كَالْفُرُوعِ لِهَذِهِ الْجَدَّاتِ لِتَفَرُّعِ بَعْضِهِنَّ مِنْ بَعْضٍ فَإِنْ سُئِلْتَ عَنْ عَدَدٍ مِنْ الْجَدَّاتِ مُتَحَاذِيَاتٍ هُنَّ وَارِثَاتٌ كَيْفَ صُورَتُهُنَّ فَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ بِعَدَدِهِنَّ أُمَّهَاتٍ ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ بِعَدَدِهِنَّ أُمَّهَاتٍ إلَّا الْآخِرَةَ، وَفِي الثَّالِثَةِ إلَّا الْآخِرَةَ الَّتِي تَلِيهَا هَكَذَا إلَّا أَنْ تَبْقَى أُمٌّ وَاحِدَةٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَذْكُرُونَ بِعَدَدِهِنَّ أَبْنَاءً إلَّا الْأُولَى وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ إلَّا الْأُولَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَهَكَذَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يَذْكُرُونَ الْجَدَّاتِ بِقَرَابَاتِهِنَّ وَبَيَانُهُ إذَا قِيلَ خَمْسُ جَدَّاتٍ مُتَحَاذِيَات وَارِثَاتٍ كَيْفَ صُورَتُهُنَّ فَعَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ نَقُولُ إحْدَاهُنَّ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأُمِّ وَالثَّانِيَةُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ وَالثَّالِثَةُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبِ الْأَبِ وَالرَّابِعَةُ أُمُّ أُمِّ أَبِ أَبِ الْأَبِ وَالْخَامِسَةُ أُمُّ أَبِ أَبِ أَبِ الْأَبِ وَعَلَى طَرِيقِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَعَلَى طَرِيقِ أَهْلِ الْكُوفَةِ نَقُولُ إحْدَاهُنَّ أُمُّ جَدَّةِ جَدَّاتِ الْمَيِّتِ وَالثَّانِيَةُ أُمُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute