رَأْسَهُ، وَلَكِنَّهُ يَقْتُلُ الْهَوَامَّ فَلِذَلِكَ يَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَالُوا وَتَأْوِيلُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ إذَا غَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ بَعْدَ الرَّمْيِ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ عِنْدَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ الْخِطْمِيُّ مِنْ الطِّيبِ فَإِنَّ لَهُ رَائِحَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَكِيَّةً وَهُوَ يَقْتُلُ الْهَوَامَّ أَيْضًا فَتَتَكَامَلُ الْجِنَايَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ
(قَالَ): وَإِنْ خَضَّبَتْ الْمُحْرِمَةُ بِالْحِنَّاءِ يَدَهَا فَعَلَيْهَا دَمٌ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الْمُعْتَدَّةَ أَنْ تَخْتَضِبَ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ: الْحِنَّاءُ طِيبٌ»، وَلِأَنَّ لَهُ رَائِحَةً مُسْتَلَذَّةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَكِيَّةً.
وَإِنْ خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَسْمَةَ لَيْسَتْ بِطِيبٍ إنَّمَا تُغَيِّرُ لَوْنَ الشَّعْرِ إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا خَضَّبَ رَأْسَهُ بِالْوَسْمَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لَا لِلْإِخْضَابِ، وَلَكِنْ لِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
(قَالَ): وَإِنْ خَضَّبَ لِحْيَتَهُ بِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَلَكِنْ إنْ خَافَ أَنْ يَقْتُلَ الْهَوَامَّ أَطْعَمَ شَيْئًا؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْجِنَايَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُتَكَامِلٍ فَتَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
[بَابُ مَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ]
(قَالَ): وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ الْقَبَاءَ وَيُدْخِلَ فِيهِ مَنْكِبَيْهِ دُونَ يَدَيْهِ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَبَاءَ مَخِيطٌ فَإِذَا أَدْخَلَ فِيهِ مَنْكِبَيْهِ صَارَ لَابِسًا لِلْمَخِيطِ فَإِنَّ الْقَبَاءَ يُلْبَسُ هَكَذَا عَادَةً، وَلَكِنَّا نَقُولُ لُبْسُ الْقَبَاءِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْيَدَيْنِ فِي الْكُمَّيْنِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ وَاضِعًا الْقَبَاءَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ لَا لَابِسًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى لُبْسِ الرِّدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تُكَلِّفْ حِفْظِهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِعَمَلٍ كَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَابِسُ الرِّدَاءِ، أَمَّا إذَا أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي حِفْظِهِ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ الِاشْتِغَالِ بِالْعَمَلِ فَيَكُونُ لَابِسًا لِلْمِخْيَطِ، وَكَذَلِكَ إنْ زَرَّهُ عَلَيْهِ كَانَ لَابِسًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكَلُّفِ حِفْظِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا زَرَّهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَبِسَ الْمَخِيطَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ كَانَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ لُبْسَ الْمَخِيطِ مَحْظُورُ الْإِحْرَامِ فَيَصِيرُ هُوَ مُرْتَكِبًا مَحْظُورَ الْإِحْرَامِ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَإِنْ فَعَلَهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَالتَّطَيُّبِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ إنَّمَا تَتِمُّ جِنَايَتُهُ بِلُبْسٍ مَقْصُودٍ، وَاللُّبْسُ الْمَقْصُودُ فِي النَّاسِ عَادَةً يَكُونُ فِي يَوْمٍ كَامِلٍ فَإِنَّ مَنْ أَصْبَحَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ ثُمَّ لَا يَنْزِعُهَا إلَى اللَّيْلِ فَإِذَا لَبِسَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تَكَامَلَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute