للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى الْجُمُعَةَ. عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَكُونُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ، وَعِنْدَ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَكُونُ

وَالِاغْتِسَالُ فِي الْحَاصِلِ أَحَدَ عَشَرَ نَوْعًا. خَمْسَةٌ مِنْهَا فَرِيضَةٌ. الِاغْتِسَالُ مِنْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَمِنْ إنْزَالِ الْمَاءِ، وَمِنْ الِاحْتِلَامِ، وَمِنْ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا سُنَّةٌ. الِاغْتِسَالُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَعِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْعِيدَيْنِ. وَوَاحِدٌ وَاجِبٌ، وَهُوَ غُسْلُ الْمَيِّتِ، وَآخَرُ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ بِهِ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ جَاءَهُ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ»، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا فَإِنْ أَجْنَبَ، وَلَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى أَسْلَمَ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ صِفَةِ الْجَنَابَةِ بَعْدَ إسْلَامِهِ كَبَقَاءِ صِفَةِ الْحَدَثِ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْبِئْرِ]

قَالَ (وَإِذَا مَاتَتْ الْفَأْرَةُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا أَوْ ثَلَاثُونَ بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَأْرَةِ فَعِشْرُونَ وَاجِبٌ وَثَلَاثُونَ أَحْوَطُ) وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا مَضَى، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يَطْعَنُونَ فِي هَذَا وَيَقُولُونَ: دَلْوٌ يُمَيِّزُ الْمَاءَ النَّجِسَ مِنْ الطَّاهِرِ دَلْوٌ كَيِّسٌ. وَهَذَا طَعْنٌ فِي السَّلَفِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ طَهَارَةَ الْبِئْرِ بِنَزْحِ بَعْضِ الدِّلَاءِ قَوْلُ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - ثُمَّ هُمْ قَالُوا بِالرَّأْيِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا فَقَالُوا فِي بِئْرٍ فِيهَا قُلَّتَانِ مِنْ الْمَاءِ مَاتَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ فَنُزِحَ مِنْهَا دَلْوٌ فَإِنْ حَصَلَتْ الْفَأْرَةُ فِي الدَّلْوِ فَالْمَاءُ الَّذِي فِي الدَّلْوِ نَجِسٌ وَاَلَّذِي بَقِيَ فِي الْبِئْرِ طَاهِرٌ، وَإِنْ بَقِيَتْ الْفَأْرَةُ فِي الْبِئْرِ فَالْمَاءُ الَّذِي فِي الدَّلْوِ طَاهِرٌ وَاَلَّذِي فِي الْبِئْرِ نَجِسٌ فَدَلْوُهُمْ هَذَا أَكْيَسُ.

قَالَ (فَإِنْ نُزِحَ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا قَبْلَ إخْرَاجِ الْفَأْرَةِ لَمْ تَطْهُرْ)؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْفَأْرَةِ فِيهَا بَعْدَ النَّزْحِ كَابْتِدَاءِ الْوُقُوعِ وَلِأَنَّ سَبَبَ نَجَاسَةِ الْبِئْرِ حُصُولُ الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ فِيهَا وَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ مَعَ بَقَاءِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلنَّجَاسَةِ.

قَالَ (فَإِنْ أُخْرِجَتْ الْفَأْرَةُ ثُمَّ نُزِحَ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا وَهُوَ يَقْطُرُ فِيهَا لَمْ يَضُرَّهَا ذَلِكَ) لِأَنَّ النَّزْحَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْطُرُ شَيْءٌ مِنْهُ فِيهَا مُتَعَذِّرٌ وَمَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ يَكُونُ عَفْوًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

قَالَ (وَإِنْ صُبَّ الدَّلْوُ الْآخِرُ فِي بِئْرٍ أُخْرَى فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْزَحُوا دَلْوًا مِثْلَهُ كَمَا لَوْ صُبَّ فِي الْبِئْرِ الْأُولَى) لِأَنَّ حَالَ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ مَا حَصَلَ هَذَا الدَّلْوُ فِيهَا كَحَالِ الْبِئْرِ الْأُولَى حِينَ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>