يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْبِضْعِ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الْمُتَيَقَّنُ فَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا
(قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْم السِّنِينَ فَهُوَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا لَهُ وَفِي قَوْلِهِمَا إنْ نَوَى شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى جَمِيعِ الْعُمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي السِّنِينَ شَيْءٌ مَعْهُودٌ فَيُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى اسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ وَذَلِكَ جَمِيعُ عُمْرِهِ فِي حَقِّهِ
(قَالَ) وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَى صَوْمُ زَمَانٍ أَوْ صَوْمِ الزَّمَانِ فَهَذَا عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ وَالْحِينَ يُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا فَإِنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِغَيْرِهِ لَمْ أَلْقَكَ مُنْذُ زَمَانٍ لَمْ أَلْقَكِ مُنْذُ حِينٍ وَلَفْظُ الْحِينِ يَتَنَاوَلُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ سَوَاءٌ قُرِنَ بِهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَوْ لَمْ يُقْرَنْ فَكَذَلِكَ لَفْظُ الزَّمَانِ وَإِنَّمَا حَمَلْنَا لَفْظَ الْحِينِ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٥] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُرَاد سِتَّةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ لَفْظُ الْحِينِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَدَ بِمَعْنَى أَشْيَاءَ بِمَعْنَى الْوَقْتِ قَالَ اللَّه تَعَالَى {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: ١٧] وَالْمُرَادُ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَبِمَعْنَى أَرْبَعِينَ سَنَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ} [الإنسان: ١] وَالْمُرَاد أَرْبَعُونَ سَنَةً وَبِمَعْنَى قِيَامِ السَّاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} [المؤمنون: ٥٤] يَعْنِي قِيَامَ السَّاعَةِ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِنَذْرِهِ سَاعَةً وَاحِدَةً وَلَا أَرْبَعِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْآدَمِيِّ إلَى هَذِهِ الْمُدَّة الطَّوِيلَة لِلصَّوْمِ فِيهَا نَادِر فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فِي هَذِهِ الْأَعْدَادِ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَبَدٍ أَوْ الْأَبَدِ فَهُوَ عَلَى جَمِيعِ الْعُمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَبَدَ مَا لَا غَايَةَ لَهُ وَلَكِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ زِيَادَةَ عَلَى مُدَّةِ عُمْرِهِ، وَإِنْ قَالَ صَوْمُ الدَّهْرِ فَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يُوَقِّتْ فِيهِ شَيْئًا وَقَالَ لَا أَدْرِي مَا الدَّهْرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَا لَفْظَ الدَّهْرِ كَلَفْظِ الْحِينِ وَالزَّمَانِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
[كِتَابُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (قَالَ): الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إمْلَاءً: اعْلَمْ بِأَنَّ مَا اخْتَصَرَهُ الْحَاكِمُ مِنْ تَصْنِيفِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْحَيْضِ قَاصِرٌ مُبْهَمٌ لَا يَتِمُّ الْمَقْصُودُ بِهِ فَوَقَعَتْ الْحَاجَةُ لِهَذَا إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِمَا خَرَّجَهُ الْمَشَايِخُ، وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute