للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَاهَا فَنَفَاهُ لَاعَنَ وَلَزِمَ الْوَلَدُ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهَا بِالشِّرَاءِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبِالْعِتْقِ صَارَتْ مُحْصَنَةً فَإِذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ النِّكَاحِ الْآخَرِ عَرَفْنَا أَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ سَابِقًا عَلَى هَذَا النِّكَاحِ فَلَا يَنْقَطِعُ السَّبَبُ بِاللِّعَانِ، وَلَكِنْ يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهَا مُحْصَنَةً فِي الْحَالِ، وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا لَزِمَهُ الْوَلَدُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ؛ فَإِنْ نَفَاهُ ضُرِبَ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا، وَهِيَ مُحْصَنَةٌ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمَةُ كِتَابِيَّةً فَحُكْمُ النَّسَبِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْصَنَةٍ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقَا عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ مِنْ حَقِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِهِ فَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى إبْطَالِ حَقِّهِ. .

قَالَ: رَجُلٌ مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ فَنَفَاهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يَرِثْ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ شَاهِدَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا حَبَلٌ ظَاهِرٌ، وَلَا فِرَاشَ قَائِمٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا حُبْلَى مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ.

وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ، وَإِقْرَارُهُمْ كَإِقْرَارِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُمْ خُلَفَاؤُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْخِلَافَ فِي الْمَنْكُوحَةِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ فَكَذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى كَافِرًا فَشَهَادَةُ الْكِتَابِيَّةِ فِي ذَلِكَ مَقْبُولَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَمْ تُقْبَلْ إلَّا شَهَادَةُ مُسْلِمَةٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ تَقُومُ عَلَى حَقِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ النَّسَبَ يَلْزَمُهُ فَيُرَاعَى فِيهِ شَهَادَةُ شَرَائِطِهِ.

[بَابٌ مِنْ دَعْوَةِ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ]

بَابٌ مِنْ دَعْوَةِ الْبَائِعِ أَيْضًا وَغَيْرِهِ (قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً وَوَلَدَهَا أَوْ اشْتَرَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ، ثُمَّ بَاعَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَادَّعَى، وَلَدَهَا فَالدَّعْوَةُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَوْمَ يُدَّعَى فِي مِلْكِهِ)؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى نَسَبَ مَمْلُوكِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إلَى النَّسَبِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَلَا يَنْفَسِخُ شَيْءٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْعَقْدِ الَّذِي جَرَى فِيهِ وَفِي أُمِّهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْعُلُوقِ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَكَانَتْ دَعْوَتُهُ دَعْوَةَ التَّحْرِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْعُقُودِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَبَلِ عِنْدَهُ بَطَلَتْ الْعُقُودُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَيَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الْبُيُوعَ وَالْأَشْرِبَةَ كَانَتْ فِي أُمِّ وَلَدِهِ فَكَانَتْ بَاطِلَةً

قَالَ رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ وُلِدَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ ادَّعَى نَسَبَهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي مِلْكه فَيَصِحُّ دَعْوَةُ النَّسَبِ فِيهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>