لِأَنَّهُمَا تَوْأَمٌ، وَلَكِنْ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ التَّحْرِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ، وَأَحَدُهُمَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْآخَرِ فِي الْعِتْقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَاهُمَا الْمُشْتَرِي ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِي الْمُشْتَرِي وَقْتَ الدَّعْوَةِ وَاَلَّذِي عِنْدَ الْبَائِعِ يَبْقَى مَمْلُوكًا لَهُ كَمَا كَانَ؛ قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا وَاشْتَرَى أَبُوهُ أَخَ ذَلِكَ الْعَبْدِ، وَهُمَا تَوْأَمٌ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي مِلْكِهِ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِيهِ، وَبِثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُ الْآخَرِ ضَرُورَةً، وَيَعْتِقُ الَّذِي فِي يَدِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمُدَّعِيَ فَلِأَنَّ الِابْنَ مَلَكَ أَخَاهُ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ هُوَ الْمُدَّعِيَ فَلِأَنَّ الْأَبَ مَلَكَ ابْنَ ابْنِهِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ، وَلَا ضَمَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ كَانَ بِسَبَبٍ مَقْصُودٍ عَلَيْهِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ إلَى صَاحِبِهِ
قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فِي الثَّلَاثَةِ وَلَدًا، فَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِهَا حَتَّى يَنْفُذَ عِتْقُهُ فِيهَا وَفِي وَلَدِهَا فَكَذَلِكَ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ بِالدَّعْوَةِ وَيَسْقُطُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ قَدْ عَتَقَ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَتَعَذَّرَ رَدُّهَا بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَلِهَذَا سَقَطَ خِيَارُهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ فَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَثْبَتَ النَّسَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ جَدَّدَ الدَّعْوَةَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَأَنْقَضَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بَطَلَتْ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَلَا وَلَدَهَا وَدَعْوَةُ التَّحْرِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ.
فَإِنْ (قِيلَ): أَلَيْسَ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ فَلِمَاذَا لَا يَجْعَلُ دَعْوَةَ التَّحْرِيرِ مِثْلَهُ (قُلْنَا): ذَاكَ إنْ شَاءَ الْعِتْقَ فَإِذَا بَطَلَ لِعَدَمِ تَمَامِ السَّبَبِ فِي الْمَحَلِّ لَا يَنْفُذُ بِاعْتِبَارِ مِلْكٍ يَحْدُثُ، وَهَذَا إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ كَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ إنْسَانٍ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ أَمَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ يَأْخُذُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتَا عِنْدَهُ، وَأَقَرَّ بِأَنَّهُمَا مِنْهُ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَتِهِ، وَلَكِنْ بِالْبَيْعِ تَنَاوَلَ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَيَتَبَيَّنُ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي فَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ بَعْدَ هَذَا إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ رَدِّهَا وَالْآنَ لَا يَمْلِكُ رَدَّ الْمُشْتَرَاةِ لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَيَّتُهُمَا أَوْلَى حَتَّى مَاتَ فَالْبَيَانُ إلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ وَعَلَيْهِمْ بِمَنْ مَاتَ أَصَابَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي مِنْ تَرِكَتِهِ فَكَانَ بَيَانُهَا إلَيْهِمْ فَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي أَيَّتُهُمَا كَانَ عَتَقَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَنِصْفُ، وَلَدِهِمَا وَتَسْعَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمِنْ وَلَدِهِمَا فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ، وَلَا إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِيهَا بِأَوْلَى مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute