الْأُخْرَى فَيَسْعَ فِيهِمَا وَيَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ التَّرِكَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْوَرَثَةُ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَارِثٌ قَائِمٌ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ لِتَمَامِ عِلَّةِ الْخِلَافَةِ لَهُ فَاَلَّذِي قَالَ مِنْهُمْ أَوَّلًا هَذِهِ الَّتِي كَانَتْ اسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي أَوَّلًا تَعَيَّنَتْ لِلِاسْتِيلَادِ وَوَجَبَ قِيمَتُهَا فِي التَّرِكَةِ، وَتَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلرَّدِّ وَتُرَدُّ هِيَ وَوَلَدُهَا إلَى الْبَائِعِ، وَاسْتَدَلَّ فِيهِ بِحَدِيثِ فَرْوَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ زَوَّجَ أَبِي عَبْدًا لَهُ يُقَالُ لَهُ كَيْسَانُ أَمَةً لَهُ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ، ثُمَّ مَاتَ أَبِي فَكَتَبَ إلَيَّ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُوَافِيَ بِأَبِي الْمَوْسِمَ فَكُتِبَ إلَيْهِ أَنَّ أَبِي قَدْ مَاتَ فَكَتَبَ أَنْ ابْعَثُوا بِابْنِهِ إلَيَّ فَذَهَبَ بِهِ إلَيْهِ فَقَالَ مَا يَقُولُ ابْنُ كَيْسَانَ فَقُلْتُ قَدْ ادَّعَاهُ أَبِي فَإِنْ كَانَ صَدَقَ فَقَدْ صَدَقَ، وَإِنْ كَانَ كَذَبَ فَقَدْ كَذَبَ فَقَالَ لَوْ قُلْتَ غَيْرَهَا لَأَوْجَعْتُك، وَأَعْتَقَهُ بِالدَّعْوَةِ، وَجَعَلَهُ ابْنَ الْعَبْدِ بِالْفِرَاشِ فِيمَا يَعْلَمُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ لِيُبَيِّنَ أَنَّ إقْرَارَ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِدَعْوَةِ الْأَبِ كَإِقْرَارِ الْأَبِ بِهِ فَكَذَلِكَ تَعْيِينُ أَحَدِ الْوَرَثَةِ كَتَعْيِينِ الْمَوْرُوثِ بِنَفْسِهِ.
قَالَ: مُكَاتَبٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَمْ تَجُزْ دَعْوَتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ التَّحْرِيرِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ كَسْبِهِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الِابْنُ عَبْدًا لَمْ تَجُزْ دَعْوَةُ الْأَبِ فِيهِ لِهَذَا قَالَ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ بِشُهُودٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدِ لِسِتَّةٍ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، وَإِنْ نَفَاهُ لَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ مَتَى يَثْبُتُ بِفِرَاشِ النِّكَاحِ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِاللِّعَانِ، وَلَا لِعَانَ بَيْنَ الْمَمَالِيكِ، وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ سَبَقَ فِرَاشَ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْمَوْلَى اسْتَنَدَتْ إلَى حَالِ الْعُلُوقِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْمَوْلَى، وَكَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا، وَلَوْ كَانَ زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ مِنْ حُرٍّ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى صَدَّقَهُ الزَّوْجُ أَوْ كَذَّبَهُ فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ فِي فِرَاشِهِ وَلَكِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمَوْلَى بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَتَكُونُ أُمُّهُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهَا بِحَقِّ الْحُرِّيَّةِ كَمَا أَقَرَّ الْوَلَدُ بِحَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا، ثُمَّ بَاعَهَا، ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ النِّكَاحِ؛ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْبَيْعِ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي لَمْ يُصَدَّقَا عَلَى ذَلِكَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ صَاحِبِ الْفِرَاشِ، وَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ النَّسَبِ إذَا لَمْ تَعْمَلْ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ الْعِتْقِ، وَإِقْرَارُ الْبَائِعِ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْبَيْعِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ
قَالَ: وَلَوْ تَزَوَّجَتْ أَمَتُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ، وَالْمَوْلَى؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ عِنْدَ اتِّصَالِ الدُّخُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute