فِي دَابَّةٍ، وَالْعَبْدُ رَاكِبُهَا؛ لِأَنَّ مَوْلَاهُ حِينَ آجَرَهُ فَقَدْ حَوَّلَ يَدَهُ فِيهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَصَارَ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ فِي ثُبُوتِ يَدِهِ، وَعَلَى مَا مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْحُرِّ، فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَإِنْ صَارَ أَحَقَّ بِمَنَافِعِهِ فَقَدْ بَقِيَتْ لَهُ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي أَمْتِعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْأَمْتِعَةِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ، وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مَمْلُوكٌ لَيْسَتْ لَهُ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَكَانَ هُوَ، وَمَا فِي يَدِهِ لِمَوْلَاهُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ حَوَّلَهُ بِالْإِجَارَةِ إلَى يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ قَمِيصٌ أَوْ قَبَاءٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: هُوَ لِي وَقَالَ الْمَوْلَى: هُوَ لِعَبِدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُنْقَلُ إلَى يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عُرْيَانًا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ إنْسَانٍ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مَا عَلَيْهِ مِنْ لِبَاسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَالْعَادَةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَتَاعٌ آخَرُ فِي يَدِهِ إلَّا مَا يُذْكَرُ فَلَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ الْعَبْدِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ قَوْلٌ، وَلَا يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فِيمَا مَعَهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي مَنْزِلِ الْمَوْلَى، وَفِي يَدِهِ ثَوْبٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: هُوَ لِي، وَقَالَ الْمَوْلَى: هُوَ لِي فَهُوَ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَمَا فِيهِ يَكُونُ فِي يَدِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي مُعَارَضَةِ يَدِ الْمَوْلَى، وَالْمُسْتَأْجِرُ إذَا كَانَتْ يَدُهُ لَا تَظْهَرُ فِي مَنْزِلِ الْمَوْلَى كَانَ الْمَتَاعُ لِلْمَوْلَى، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فِي مَنْزِلِ الْمَوْلَى، وَفِي يَدِهِ ثَوْبٌ فَقَالَ الْمَوْلَى: هُوَ لِي، وَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ لِي فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ مِنْ تِجَارَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ تِجَارَتِهِ فَهُوَ كَسْبُهُ.
وَالْحَقُّ فِي كَسْبِهِ لِغُرَمَائِهِ فَيَدُهُ فِيهِ كَيَدِ الْغَرِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تِجَارَتِهِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى، وَيَدُهُ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ، وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ لَا يَثْبُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ كَسْبًا لِلْعَبْدِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ رَاكِبًا عَلَى دَابَّةٍ أَوْ لَابِسًا ثَوْبًا فَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ لِي، وَقَالَ الْمَوْلَى: هُوَ لِي فَهُوَ لِلْعَبْدِ يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْ تِجَارَتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْمَلْبُوسَ تَبَعٌ لِلَّابِسِ وَالْمَرْكُوبَ تَبَعٌ لِلرَّاكِبِ، وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ فَيَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِمَا هُوَ تَبَعٌ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْمَأْذُونِ يَأْسِرُهُ الْعَدُوُّ أَوْ يَرْتَدُّ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): قَدْ بَيَّنَّا فِي السِّيَرِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ ثُمَّ عَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَعُودُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ يَدِ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَوْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute