بِالنَّقْضِ وَالْإِبْطَالِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ عَلَفًا مِنْ الْغَنِيمَةِ فَفَضُلَ مِنْهُ فَضْلَةً بَعْدَ مَا خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَعَادَهَا فِي الْغَنِيمَةِ إنْ كَانَتْ لَمْ تُقْسَمْ لِأَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِذَلِكَ كَانَ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ زَالَ بِالْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَأَكُّدِ الْحَقِّ فِي الْغَنِيمَةِ لَهُمْ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِالْإِحْرَازِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَائِمُ قَدْ قُسِّمَتْ فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْكُلَهُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بَاعَهُ وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِاللُّقَطَةِ وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُ التَّنَاوُلُ لِلْحَاجَةِ وَالْمُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَعَادَ الثَّمَنَ فِي الْغَنِيمَةِ إنْ لَمْ تُقَسَّمْ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُسِّمَتْ صَنَعَ مَا يَصْنَعُ بِاللُّقَطَةِ كَمَا بَيَّنَّا.
وَإِنْ أَقْرَضَهُ رَجُلًا فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْجُنْدِ لَمْ يَسْعَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّ الْمُقْرِضَ وَالْمُسْتَقْرِضَ فِي حَقِّ إبَاحَةِ تُنَاوِلِهِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الْآخِذَ كَانَ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَإِذَا زَالَ مَا بِيَدِهِ إلَى الْآخَرِ سَقَطَ حَقُّهُ فَلِهَذَا لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا.
[أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ الْجُنْدِ جَارِيَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ]
وَإِذَا أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ الْجُنْدِ جَارِيَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ فِي الْقِيَاسِ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَأَكَّدَ بِالْإِحْرَازِ أَلَا تَرَى أَنَّ بِالْقِسْمَةِ يَتَعَيَّنُ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالْقِسْمَةُ لِتَمَيُّزِ الْمِلْكِ لَا لِابْتِدَاءِ الْمِلْكِ فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ كَانَ ثَابِتًا لَهُمْ مِنْ قَبْلُ.
وَإِنْ أَعْتَقَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَهَذَا عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَظْهَرُ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِنَفْسِ الْإِصَابَةِ يَثْبُتُ لَهُمْ الْمِلْكُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عِنْدَنَا لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِأَنَّ نُفُوذَ الْعِتْقِ يَسْتَدْعِي مِلْكًا قَائِمًا فِي الْمِحَنِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ لَهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَ الْغَنَائِمَ وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ وَأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَقَعُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَكَانَ مَا هُوَ شَرْطُ نُفُوذِ الْعِتْقِ مُنْعَدِمًا، فَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا لَمْ يَصِحَّ اسْتِيلَادُهُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ يُوجِبُ حَقَّ الْعِتْقِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ بِخِلَافِ الْأَبِ يَسْتَوْلِدُ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَلَهُ وِلَايَةُ التَّمَلُّكِ هُنَاكَ فَيَتَمَلَّكُهَا سَابِقًا عَلَى الِاسْتِيلَادِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ تَمَلُّكِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ بِدُونِ رَأْي الْإِمَامِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُهُ فِيهَا وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَكِنْ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ لِثُبُوتِ حَقٍّ مُتَأَكِّدِ وَيَلْزَمُهُ الْعَقْرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ حَدٍّ أَوْ عَقْرٍ فَكَانَتْ هِيَ وَوَلَدُهَا فِي الْغَنِيمَةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتِيلَادُهُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَهُ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْإِصَابَةِ.
[سَرَقَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ]
وَإِنْ سَرَقَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ لَمْ يُقْطَعْ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ فِيهَا، وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَسْرُوقَ وَيُؤَدِّبُ وَلَا يُحْرَقُ رَحْلُهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُحْرَقُ رَحْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute