وَاطْرَحْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ يَبْقَى عِشْرُونَ فَهُوَ الْمَالُ وَمَعْرِفَةُ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةُ أَنْ تَأْخُذَ سَهْمَيْنِ وَتَضْرِبَهُمَا فِي الْخَطَأِ الثَّانِي، وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَكُونَ عَشَرَةً، ثُمَّ تَأْخُذُ سَهْمَيْنِ، وَهُوَ مَا نَفَّذْنَا فِيهِ الْهِبَةَ ثَانِيًا وَتَضْرِبُهُ فِي الْخَطَأِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ اطْرَحْ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ فَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي جَازَ فِيهِ الْهِبَةُ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ عِشْرِينَ يَكُونُ خُمُسُهَا كُلَّ خُمُسٍ أَرْبَعَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا جَازَتْ فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ عَلَى الطُّرُقِ كُلِّهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ إقْرَارِ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ]
(بَابُ إقْرَارِ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ) (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَابْنًا، فَقَالَ الِابْنُ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ مَوْصُولٍ لِهَذَا عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِهَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ عَطَفَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَمُوجَبُ الْعَطْفِ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ، ثُمَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجَبَ أَوَّلِهِ)؛ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ تَصِيرُ الْأَلْفُ كُلُّهَا لِلْأَوَّلِ لَوْ سَكَتَ عَلَيْهِ وَبِآخِرِ كَلَامِهِ بِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَلْفَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَتَى كَانَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ مَا يُغَيِّرُ مُوجَبَ أَوَّلِهِ يُوقَفُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَمَا لَوْ أَلْحَقَ بِهِ شَرْطًا أَوْ اسْتِثْنَاءً، ثُمَّ إقْرَارُ الْوَارِثِ عَلَى مُوَرِّثِهِ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ هَذِهِ الْعَيْنُ لِفُلَانٍ وَلِفُلَانٍ، وَلَوْ أَقَرَّ لِلْأَوَّلِ وَسَكَتَ، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّانِي فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقًّا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ حِينَ أَقَرَّ لَهُ وَسَكَتَ فَإِقْرَارُهُ لِلثَّانِي صَادَفَ مَحِلًّا مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُوَرِّثِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِزَيْدٍ وَسَكَتَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِعَمْرٍو، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِدَيْنٍ، ثُمَّ بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ يُلَاقِي ذِمَّتَهُ فَبِوُجُوبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ لَا تَتَغَيَّرُ صِفَةُ الذِّمَّةِ وَهُنَا صِحَّةُ إقْرَارِهِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِقْرَارُهُ لِلْأَوَّلِ صَادَفَ مَحِلًّا فَارِغًا فَصَحَّ، ثُمَّ إقْرَارُهُ لِلثَّانِي صَادَفَ مَحِلًّا مَشْغُولًا فَلَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ، فَإِنْ دَفَعَ الْأَلْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَإِنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِلثَّانِي خَمْسَمِائَةٍ لِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي صَارَ مُقِرًّا بِأَنَّ نِصْفَ الْأَلْفِ حَقُّ الثَّانِي، وَقَدْ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِاخْتِيَارِهِ وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فَلِهَذَا ضَمِنَ لِلثَّانِي نِصْفَهُ.
وَلَوْ قَالَ فِي كَلَامٍ مَوْصُولٍ هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِهَذَا وَلِهَذَا الْآخَرِ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَحَقُّ بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ الْإِقْرَارَ الْوَدِيعَةِ صَارَتْ هِيَ بِعَيْنِهَا مُسْتَحَقَّةً لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، الْوَدِيعَةُ مِنْ التَّرِكَةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute