للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِغَلَّةِ الْأَرْضِ وَالْبُسْتَانِ]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ وَلِآخَرَ بِرَقَبَتِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فَالرَّقَبَةُ لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَالْغَلَّةُ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْغَلَّةِ فِي الْبُسْتَانِ كَالْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ فِي الْعَبْدِ وَالسُّكْنَى فِي الدَّارِ وَقَدْ بَيَّنَّا هُنَاكَ أَنْ يُقَدَّمَ حَقُّ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى عَلَى حَقِّ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ وَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: ثَمَرَتُهُ لِفُلَانٍ، ثُمَّ مَاتَ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْغَلَّةِ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَوْجُودِ، وَإِلَى مَا يَحْدُثُ سَوَاءٌ قَالَ: أَبَدًا أَوْ لَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْغَلَّةِ حَقِيقَةٌ لِلْمَوْجُودِ وَالْحَادِثِ جَمِيعًا فَأَمَّا الثَّمَرَةُ اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ حَقِيقَةً وَلَمْ يَتَنَاوَلْ الْحَادِثَ إلَّا مَجَازًا فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ وَلَمْ يَقُلْ أَبَدًا، فَإِنْ كَانَ فِي الْبُسْتَانِ ثَمَرَةٌ حِينَ يَمُوتُ الْمُوصِي فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُوصَى لَهُ تِلْكَ الثَّمَرَةَ وَلَا حَقَّ لَهُ فِيمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا صَارَ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ يَنْتَفِي الْمَجَازُ عَنْهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبُسْتَانِ ثَمَرَةٌ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ اللَّفْظُ فِي حَقِيقَتِهِ فَيَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَجَازِ، وَيَكُونُ لَهُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ مَا عَاشَ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَ قَالَ: أَبَدًا فَلَهُ الْمَوْجُودُ وَالْحَادِثُ أَبَدًا جَمِيعًا فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى التَّأْبِيدِ عَمَّ الْإِيجَابُ الْحَادِثَ وَالْمَوْجُودَ وَالسَّقْيَ وَالْخَرَاجَ، وَمَا يُصْلِحُهُ وَعِلَاجُ مَا يُصْلِحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْتَفِعُ بِالْبُسْتَانِ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِصُوفِ غَنَمِهِ أَوْ بِأَلْبَانِهَا أَوْ بِسَمْنِهَا أَوْ بِأَوْلَادِهَا أَبَدًا لَمْ يَجُزْ إلَّا مَا عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ الصُّوفِ، وَمَا فِي ضُرُوعِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَمِنْ السَّمْنِ الَّذِي فِي اللَّبَنِ الَّذِي فِي الضَّرْعِ وَمِنْ الْوَلَدِ الَّذِي فِي الْبَطْنِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُوصِي وَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا وَالْغَلَّةُ وَالثَّمَرَةُ فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ، وَلَكِنِّي أَدَّعِي الْقِيَاسَ فِيهِ، وَاسْتُحْسِنَ ذَلِكَ قِيلَ مُرَادُهُ إنَّ الْقِيَاسَ فِي الثَّمَرَةِ وَالْغَلَّةِ أَنْ لَا يُسْتَحَقَّ إلَّا الْمَوْجُودُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>