نِصْفَانِ نِصْفُهُ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ كُلُّهُ فِي الدَّارِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ غَلَّةِ الدَّارِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَالدَّارِ، إنْ شِئْت قُلْت خُمُسُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ فَيُقَاسِمُ الْوَرَثَةَ بِحَسَبِ الْمَالِ وَالْمَالُ الْمَقْسُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ نِصْفُ الدَّارِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَأَلْفَانِ، فَإِذَا جَعَلْت كُلَّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا كَانَتْ أَخْمَاسًا، وَإِنْ شِئْت قُلْت ثُلُثَا ذَلِكَ فِي الْمَالِ وَثُلُثُهُ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّ مُزَاحَمَةَ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ قَدْ انْعَدَمَتْ فِي نِصْفِ الدَّارِ وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي ثُلُثِ الدَّارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْلَا وَصِيَّةُ الْآخَرِ لَكَانَ يَسْلَمُ لَهُ ثُلُثُ الدَّارِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ مِقْدَارُ حَقِّهِ وَزِيَادَةٌ أَخَذَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ، وَهُوَ الثُّلُثُ مِمَّا يَسْتَوْفِيه، فَإِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْغَلَّةِ فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ الدَّارِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ صَاحِبِ الْغَلَّةِ قَدْ بَطَلَتْ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ صَاحِبِ الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَصِيَّةً بِالْعَيْنِ فَلَا تَبْقَى بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَقّ وَلَكِنَّهَا انْهَدَمَتْ قِيلَ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ ابْنِ نَصِيبَك مِنْهَا وَيَبْنِي صَاحِبُ الثُّلُثِ نَصِيبَهُ وَالْوَرَثَةُ نَصِيبَهُمْ لِيَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الِامْتِنَاعِ بِنَصِيبِهِمْ وَأَيُّهُمْ أَبَى أَنْ يَبْنِيَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُمْنَعْ الْآخَرُ مِنْ أَنْ يَبْنِيَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُؤَاجِرَهُ وَيُسْكِنَهُ؛ لِأَنَّ الْآبِيَ مِنْهُمَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَ الضَّرَرَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الضَّرَرَ غَيْرَهُ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِغَلَّتِهَا فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَشَهِدَ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ أَوْ السُّكْنَى أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا لِلْمَيِّتِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ نَفْعًا، وَهُوَ أَنَّهُ يُمَهِّدُ مَحَلَّ حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ لِلْمَيِّتِ بِدَيْنٍ أَوْ بِمَالٍ أَوْ بِقَتْلٍ خَطَأٍ فَشَهَادَتُهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ نَصِيبًا، وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ مَالَ الْمَيِّتِ كُلَّمَا كَثُرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَفِي وَصِيَّتِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ كَانَ يُقْضَى مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ وَيُسَلَّمُ لَهُ وَصِيَّتُهُ فَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute