للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمْنَعُ لِحَقِّ الصَّغِيرِ وَحَقُّهُ مُرَاعًى إذَا تَرَكَ مَعَهُ أَحَدَ الْكَبِيرَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهِ وَيَقُومُ الْكَبِيرُ بِحَوَائِجِهِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُمَا إلَيْهِ مِنْ جِهَتَيْنِ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَلَا يَبِيعَ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ نَوْعُ شَفَقَةٍ لَيْسَ لِلْآخَرِ وَلَهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعُ اسْتِئْنَاسٍ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْآخَرِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَبْعَدُ وَالْآخَرُ أَقْرَبُ إلَيْهِ فِي الْقَرَابَةِ كَالْأُمِّ مَعَ الْجَدِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْأَبْعَدِ وَيُمْسِكُ الْأَقْرَبَ مَعَ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّغِيرِ يَحْصُلُ إذَا أَمْسَكَ الْأَقْرَبَ مَعَهُ وَشَفَقَةُ الْأَقْرَبِ عَلَيْهِ أَظْهَرُ وَالْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْقَرِيبَةِ تَكُونُ الْبَعِيدَةُ كَالْمَعْدُومَةِ.

وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعَ اسْتِئْنَاسٍ كَمَا إذَا اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ

[بَابُ بَيْعِ الْأَمَةِ الْحَامِلِ]

قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اعْلَمْ أَنَّهُ أَوْرَدَ هَذَا الْبَابَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَقَدْ بَيَّنَّا شَرْحَ مَسَائِلِهِ هُنَاكَ، وَهُوَ بِكِتَابِ الدَّعْوَى أَشْبَهُ وَقَدْ بَيَّنَّا بَعْضَ الْمَسَائِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ هُنَا أَيْضًا فَمِمَّا زَادَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُمَا الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حُصُولَ الْعُلُوقِ بِاَلَّتِي وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي مِلْكِهِ وَهُمَا تَوَائِمُ فَمِنْ ضَرُورَةِ التَّيَقُّنِ بِعُلُوقِ أَحَدِهِمَا فِي مِلْكِهِ التَّيَقُّنُ بِعُلُوقِ الْآخَرِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ خَلَفَ وَلَدًا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ أَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ.

وَهَذَا؛ لِأَنَّ نَسَبَ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ كَانَ ثَابِتًا مِنْ الزَّوْجِ بِالْفِرَاشِ وَبَقِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ مَوْقُوفًا عَلَى حَقِّهِ حَتَّى لَا تَنْفُذَ دَعْوَةُ الْغَيْرِ فِيهِ فَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِالْإِكْذَابِ إذَا كَانَ مُقَيَّدًا وَتُقَامُ حَاجَةُ وَلَدِهِ إلَى ذَلِكَ مَقَامَ حَاجَتِهِ فَأَمَّا نَسَبُ وَلَدِ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ فَلَمْ يَكُنْ ثَابِتًا مِنْهُ قَبْلَ الدَّعْوَى وَإِنَّمَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِحَاجَةِ الْوَلَدِ إلَى النَّسَبِ وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ فَلَا يُمْكِنُ إقَامَةُ وَلَدِهِ مَقَامَهُ فِي إثْبَاتِ نَسَبِهِ ابْتِدَاءً فَلِهَذَا لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ.

وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ صَبِيٌّ لَا يَنْطِقُ فَزَعَمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ ابْنُهُ فَهُوَ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي كَلَامِهِ وَيُصَدَّقُ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ هَذَا فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>