للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَقِيَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمَوَارِيثِ وَلَوْ شَرَطُوا ذَلِكَ فِي قِسْمِ رَجُلٍ كَانَتْ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَصِيرُ مُمَلِّكًا نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِمَّنْ شَرَطَ لَهُ بِمَا يَمْلِكُ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَتُمْلِيك الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِعِوَضٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اقْتَسَمُوا عَلَى إنْ ضَمِنَ أَحَدُهُمْ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ مُسَمًّى كَانَ هَذَا بَاطِلًا إذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ كَالْبَيْعِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ أَنْ يَضْمَنَ دَيْنًا عَلَى الْبَائِعِ كَانَ بَاطِلًا، فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ فِي الْقِسْمَةِ، وَإِنْ ضَمِنَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ وَلَا مِيرَاثَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى أَنْ يُبَرِّئَ الْغُرَمَاءُ الْمَيِّتَ كَانَ هَذَا جَائِزًا إنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِضَمَانِهِ كَمَا لَوْ ضَمِنَهُ أَجْنَبِيٌّ آخَرُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ وَرَضِيَ الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْقِسْمَةِ قِيَامُ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يَقْبَلُوا ضَمَانَهُ فَلَهُمْ نَقْضُ الْقِسْمَةِ لِقِيَامِ دَيْنِهِمْ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ نُفُوذِ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ تَرَاضَوْا بِضَمَانِهِ وَأَبْرَءُوا الْمَيِّتَ، ثُمَّ نَوَى الْمَالَ عَلَيْهِ رَجَعُوا فِي مَالِ الْمَيِّتِ حَيْثُ كَانَ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْرَءُوهُ بِشَرْطٍ وَهُوَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ دَيْنَهُمْ مِنْ جِهَةِ الضَّامِنِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ كَانُوا عَلَى حَقِّهِمْ فِي اتِّبَاعِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ مُفْلِسًا فَإِنَّ الدَّيْنَ يَعُودُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِسْمَةِ]

(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا اقْتَسَمَ الْقَوْمُ أَرْضًا مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ أَوْ شِرَاءً وَتَقَابَضُوا، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ غَلَطًا فِي الْقِسْمَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ بِإِعَادَةِ الْقِسْمَةِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ)؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَعْدَ تَمَامِهَا عَقْدٌ لَازِمٌ فَمُدَّعِي الْغَلَطِ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ حَقَّ الْفَسْخِ بَعْدَ مَا ظَهَرَ سَبَبُ لُزُومِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولٍ كَالْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى لِنَفْسِهِ خِيَارًا بِسَبَبِ الْعَيْبِ أَوْ الشَّرْطِ وَلَكِنْ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ فَتُعَادُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِسْمَةِ الْمُعَادَلَةُ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْحُجَّةِ أَنَّ الْمُعَادَلَةَ بَيْنَهُمْ لَمْ تُوجَدْ كَمَا لَوْ ثَبَتَ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُمْ عَلَى الْغَلَطِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ لَزِمَهُمْ فَإِذَا أَنْكَرُوا اُسْتُحْلِفُوا عَلَيْهِمْ لِرَجَاءِ النُّكُولِ فَمَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ جَمَعَ نَصِيبَهُ إلَى نَصِيبِهِ، ثُمَّ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّاكِلَ كَالْمُقِرِّ وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ فَفِيمَا فِي يَدِهِ يُجْعَلُ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا

وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>