للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَوْلَى.

وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ وَشَهَادَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا الْمَمْلُوكِ؛ لِأَنَّ وَصْلَةَ الزَّوْجَةِ كَوَصْلَةِ الْوِلَادِ فِي الْمَنْعِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ. وَإِذَا شَهِدَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ، أَوْ الصَّبِيُّ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَهَادَةٍ فَرَدَّهَا، ثُمَّ شَهِدَ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْكِبَرِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً فَالشَّهَادَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ إذَا شَهِدَ فِي حَادِثَةٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ التَّوْبَةِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ كَانَ شَهَادَةً وَالْفِسْقُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ فَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِتُهْمَةِ الْكَذِبِ. فَإِذَا كَانَ الْمَرْدُودُ شَهَادَةً فَهِيَ شَهَادَةٌ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبُطْلَانِهَا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصِحَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَعْضُهُمْ يُشِيرُ إلَى فَرْقٍ آخَرَ فَيَقُولُ لَعَلَّ الْفَاسِقَ قَصَدَ بِالتَّوْبَةِ تَرْوِيجَ شَهَادَتِهِ فَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الرَّقِيقِ وَالصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ إزَالَةُ الرِّقِّ وَالصِّغَرِ، وَلَكِنْ هَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ فَالْكَافِرُ إذَا شَهِدَ عَلَى مُسْلِمٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ ادَّعَاهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ تُقْبَلُ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى كَوْنِ الْمُؤَدَّى شَهَادَةٌ كَمَا قَرَّرْنَا. وَإِذَا تَحَمَّلَ الْمَمْلُوكُ شَهَادَةً لِمَوْلَاهُ فَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى عَتَقَ، ثُمَّ شَهِدَ بِهَا جَازَ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ بِالْمُعَايَنَةِ وَالسَّمَاعِ وَالرِّقِّ لَا يُنَافِي ذَلِكَ، وَعِنْدَ الْأَدَاءِ هُوَ أَهْلٌ لِشَهَادَتِهِ وَلَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِ فَهُوَ نَظِيرُ الصَّبِيِّ إذَا تَحَمَّلَ وَشَهِدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا أَبَانَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ أَدَّى الشَّهَادَةَ لَهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ كَانَ صَحِيحًا مَعَ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعِنْدَ الْأَدَاءِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبُ التُّهْمَةِ.

وَلَوْ شَهِدَ الْحُرُّ لِامْرَأَتِهِ بِشَهَادَةٍ فَرَدَّهَا الْقَاضِي، ثُمَّ أَبَانَهَا وَنَكَحَتْ غَيْرَهُ، ثُمَّ شَهِدَ لَهَا تِلْكَ الشَّهَادَةَ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ شَهَادَةٌ فَالزَّوْجُ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا، وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ فَرَدَّهُ الْقَاضِي، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً فَالْعَبْدُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلشَّهَادَةِ فِي حَقِّ أَحَدٍ. وَإِذَا شَهِدَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ بِنِكَاحٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ كَانَ شَهَادَةً فَالْمَوْلَى مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ عَلَى مُسْلِمٍ فَرَدَّهَا الْقَاضِي بِهَا، ثُمَّ أَسْلَمَ فَشَهِدَ بِهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ كَافِرٌ لِكَافِرِ فَرَدَّهَا الْقَاضِي لِتُهْمَةٍ، ثُمَّ ادَّعَاهَا بَعْدَ مَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمَرْدُودَ شَهَادَةٌ، وَإِنَّمَا رَدَّهَا لِتُهْمَةِ الْكَذِبِ فَبَعْدَ مَا تَرَجَّحَ جَانِبَ الْكَذِبِ فِي تِلْكَ الشَّهَادَةِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهَا قَطُّ كَمَا فِي شَهَادَةِ الْفَاسِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَاب الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]

الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ أَقَلُّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>