للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ ثُمَّ هَذَا حُكْمٌ مَنْسُوخٌ؛ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَدْيُونِ الْمُفْلِسِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْمَنْسُوخِ لَا يَقْوَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي فِي الْكَفَالَةِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا كَتَبَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي كَفَالَةٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ كَفَلَ بِهِ بِأَمْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُقْبِلَ مَعَهُ حَتَّى يُوَافِيَهُ بِهِ فَأَقَامَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي شَاهِدَيْ عَدْلٍ وَكَتَبَ أَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ حَتَّى يُوفِيَ مَكَانَهُ وَيُخَلِّصَهُ مِمَّا أَدْخَلَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ تَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ فَيَثْبُتُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. ثُمَّ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ وَلَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ حِينَ أَمَرَ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّصَهُ هَهُنَا كَمَا لَوْ أَمَرَ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ كَانَ عَلَيْهِ تَخْلِيصُهُ مِمَّا يَلْزَمُهُ بِهِ، فَإِنْ كَفَلَ بِالْبَصْرَةِ وَجَاءَ بِالْكِتَابِ مِنْ قَاضِي الْبَصْرَةِ إلَى قَاضِي الْكُوفَةِ بِذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يُوَافِيَهُ حَتَّى يُبْرِئَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي الْتَزَمَ التَّسْلِيمَ فِيهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِمُوَافَاةِ الْآمِرِ مَعَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ كَفَلَ بِهِ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يُوَافِيَ بِهِ بِالْبَصْرَةِ فَأَخَذَ الطَّالِبُ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي أَنْ يُوَافِيَ مَعَهُ بِالْبَصْرَةِ حَتَّى يُبْرِئَهُ لِمَا قُلْنَا. وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ بِالْكُوفَةِ وَأَخَذَهُ الطَّالِبُ بِالْبَصْرَةِ فَطَلَبَ كِتَابَ قَاضِي الْبَصْرَةِ إلَى قَاضِي الْكُوفَةِ بِذَلِكَ لِيَأْمُرَهُ بِأَنْ يُوَافِيَ مَعَهُ الْبَصْرَةَ لَمْ يُجِبْهُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَتَبَ لَهُ يُجْبِرُ قَاضِي الْكُوفَةِ الْمَكْفُولَ بِهِ عَلَى الذَّهَابِ مَعَهُ إلَى الْبَصْرَةِ؛ لِأَنَّ مُطَالَبَةَ الطَّالِبِ بِالْبَصْرَةِ لَا تُلْزِمُ الْكَفِيلَ شَيْئًا فَإِنَّهُ مَا الْتَزَمَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ بِالْبَصْرَةِ. وَلَوْ طَلَب الْكَفِيلُ كِتَابَ قَاضِي الْبَصْرَةِ بِبَيِّنَةٍ بِالْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ لَهُ بِذَلِكَ حَتَّى إذَا قَدِمَ الْكُوفَةَ وَطَالَبَ الطَّالِبُ بِالتَّسْلِيمِ فَامْتَنَعَ الْأَصِيلُ وَجَحَدَ الْآمِرُ بِالْكَفَالَةِ كَانَ كِتَابُ قَاضِي الْبَصْرَةِ حُجَّةً لَهُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ كَتَبَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي كِتَابًا فِي كَفَالَةٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي كَفَالَتِهِ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ لَهُ بِذَلِكَ. بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَكَذَلِكَ إذَا كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.

وَإِذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ بِالْمَالِ ثَلَاثَةً، وَبَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ فَأَدَّى الْمَالَ أَحَدُهُمْ وَالْكَفِيلَانِ الْآخَرَانِ فِي بَلَدَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>