للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْغَصْبِ.

[ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى عِيَالِ الْمُودِعِ بِأَمْرِهِ]

(وَإِنْ) ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى عِيَالِ الْمُودِعِ بِأَمْرِهِ، وَصَدَّقَهُ عِيَالُهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ لَمْ آمُرْك بِذَلِكَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْوَدِيعَةِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ بَاشَرَ سَبَبَ الضَّمَانِ فِي الْوَدِيعَةِ - وَهُوَ الْإِنْفَاقُ - وَادَّعَى مَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْهُ - وَهُوَ إذْنُ الْمَالِكُ -؛ فَلَا يَصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْوَدِيعَةِ مَعَ يَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، أَوْ يَهَبَهَا لِفُلَانٍ.

فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ رَجُلٍ، وَأَخَذَ عُقْرَهَا فَوَلَدَتْ، وَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ، ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهَا: لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَوَلَدَهَا، وَلَهُ أَنْ يُفْسِدَ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ بَاشَرَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ، وَإِذَا فَسَدَ النِّكَاحُ: أَخَذَ عُقْرَهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ، وَالْعُقْرُ كَالْأَرْشِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْأَجْرِ، وَيَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ نَقَصَتْهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِهَا: انْجَبَرَ النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ صَارَ كَالْغَاصِبِ فِيمَا صَنَعَ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْحَكَمَ فِي حَقِّ الْغَاصِبِ. وَإِنْ كَانَ نُقْصَانُهَا مِنْ غَيْرِ الْوِلَادَةِ - مِنْ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ الزَّوْجُ مِنْ جِمَاعِهَا - فَالْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَ الزَّوْجَ عَلَى ذَلِكَ، وَصَارَ غَاصِبًا بِمَا صَنَعَ، وَإِنَّمَا يَنْجَبِرُ بِالْوَلَدِ نُقْصَانُ الْوِلَادَةِ؛ لِاتِّحَادِ سَبَبِ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي نُقْصَانٍ حَدَثَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ اسْتَهْلَكَ الْوَلَدَ: ضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَانَ أَمَانَةً عِنْدَهُ - كَوَلَدِ الْغَصْبِ عِنْدَ الْغَاصِبِ - فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ. (ثُمَّ) رَدُّ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَرَدِّ عَيْنِهِ فِي انْجِبَارِ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ بِهِ.

(رَجُلٌ) اسْتَوْدَعَ رَجُلَيْنِ جَارِيَةً فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا الَّذِي فِي يَدِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي فَوَلَدَتْ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهَا: (قَالَ): يَأْخُذُهَا وَعُقْرَهَا، وَقِيمَةَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلِدَ مَغْرُورٌ، فَإِنَّ قِيَامَ الْمِلْكِ لَهُ فِي نِصْفِهَا كَقِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ فِي جَمِيعِهَا، فِي صِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ، وَلَوْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ فِي جَمِيعِهَا ظَاهِرًا، كَانَ يَتَحَقَّقُ الْغَرَرُ، فَكَذَلِكَ فِي نِصْفِهَا. وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ. ثُمَّ رَدُّ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَرَدِّ عَيْنِ الْوَلَدِ فِي جَبْرِ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِالنُّقْصَانِ: أُخِذَ تَمَامُ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ غَاصِبًا لَهَا فِي حَقِّ مَالِكِهَا، فَيَكُونُ ضَامِنًا لِمَا حَدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ فِي يَدِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا مَلَّكَهُ نِصْفَهَا، وَلَوْ مَلَّكَهُ كُلَّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، إذَا ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ، فَالْجُزْءُ مُعْتَبَرٌ بِالْكُلِّ. وَأَمَّا الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ فَلِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْجَارِيَةِ ضَمِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>