للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أُصُولَ رَطْبَةٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا وَيَسْقِيَهَا حَتَّى تَذْهَبَ أُصُولُهَا وَيَنْقَطِعَ نَبْتُهَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ - فَهُوَ فَاسِدٌ، وَكَذَلِكَ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ بِالْعَادَةِ، وَجَهَالَةُ الْمُدَّةِ فِي الْمُعَامَلَةِ تُفْسِدُ الْمُعَامَلَةَ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا مُعَامَلَةً أَشْهُرًا مَعْلُومَةً يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُخْرِجُ ثَمَرَةً فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، بِأَنْ دَفَعَهَا أَوَّلَ الشِّتَاءِ إلَى أَوَّلِ الرَّبِيعِ - فَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْمُعَامَلَةِ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ، وَهَذَا الشَّرْطُ يَمْنَعُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ. وَلَوْ اشْتَرَطَا وَقْتًا قَدْ يَبْلُغُ الثَّمَرُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا - جَازَ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ تَفْوِيتَ مُوجَبِ الْعَقْدِ، فَهَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا يُوهِمُ ذَلِكَ، وَهَذَا التَّوَهُّمُ فِي كُلِّ مُعَامَلَةٍ وَمُزَارَعَةٍ، فَقَدْ يُصِيبُ الزَّرْعَ وَالثِّمَارَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ، فَإِنْ خَرَجَ الثَّمَرُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ، إنْ كَانَ تَأْخِيرُ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ ذَهَابٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا سَمَّيَا مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا تَخْرُجُ الثِّمَارُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، فَكَذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ فِي الِانْتِهَاءِ، وَبِهَذَا يُسْتَدَلُّ عَلَى جَوَابِ مَسْأَلَةِ السَّلَمِ أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ بِآفَةٍ؛ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ فَسَادُ الْعَقْدِ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحَالَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا فَهَذِهِ مُعَامَلَةٌ جَائِزَةٌ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ فِي عَمَلِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَا حَصَلَ مِنْ الْآفَةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الثِّمَارَ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْمُفْسِدَ بَقِيَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَمُوجِبًا الشَّرِكَةَ فِي الْخَارِجِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْخَارِجُ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَمْ يَحِلَّ إلَّا أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ انْقَضَى قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الثَّمَرُ - فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ الْمُفْسِدُ لِلْعَقْدِ، وَهُوَ أَنَّهُمَا ذَكَرَا مُدَّةً كَانَتْ الثِّمَارُ لَا تَخْرُجُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا مَعْلُومًا فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، فَكَذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ فِي الِانْتِهَاءِ فِي الْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ؛ لِأَنَّ رَبَّ النَّخِيلِ اسْتَوْفَى عَمَلَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابٌ مِنْ الْمُعَامَلَةِ]

قَالَ [- رَحِمَهُ اللَّهُ -]: وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا بَيْضَاءَ سِنِينَ مُسَمَّاةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا نَخْلًا وَشَجَرًا وَكَرْمًا، عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ ذَلِكَ مِنْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنَّ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ - فَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ لِاشْتِرَاطِهِمَا الشَّرِكَةَ فِيمَا كَانَ حَاصِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>