لَا بِعَمَلِهِ، وَهُوَ الْأَرْضُ، فَإِنْ قَبَضَهَا وَغَرَسَهَا فَأَخْرَجَتْ ثَمَرًا كَثِيرًا، فَجَمِيعُ الثَّمَرِ وَالْغَرْسِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلِلْغَارِسِ قِيمَةُ غَرْسِهِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ لِمَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ: إحْدَاهُمَا، أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ نِصْفَ الْغَرْسِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ جَمِيعَ الْغَرْسِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ. وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَجْعَلَ أَرْضَهُ بُسْتَانًا بِآلَاتِ نَفْسِهِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُ نِصْفَ الْبُسْتَانِ الَّذِي يَظْهَرُ بِعَمَلِهِ وَآلَاتِهِ، وَذَلِكَ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ فَيَكُونُ فَاسِدًا، ثُمَّ الْغِرَاسُ عَيْنُ مَالٍ قَائِمَةٌ كَانَتْ لِلْعَامِلِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا عَلَيْهِ لِلِاتِّصَالِ بِالْأَرْضِ، فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا مَعَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ظِهَارَةً عَلَى أَنْ يُبَطِّنَهَا أَوْ يَحْشُوَهَا وَيَخِيطَهَا جُبَّةً بِنِصْفِ الْجُبَّةِ - كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا وَكَانَتْ لَهُ قِيمَةُ الْبِطَانَةِ وَالْحَشْوِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا، وَلَكِنَّهُ قَالَ: عَلَى أَنْ يَكُونَ لَك عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ، أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ كُرَّ حِنْطَةٍ، أَوْ شَرَطَ لَهُ نِصْفَ أَرْضٍ أُخْرَى مَعْرُوفَةٍ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي هَذَا كُلِّهِ؛ لِجَهَالَةِ الْغِرَاسِ الَّذِي شَرَطَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الزَّرْعِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ بِالنِّصْفِ، وَعَلَى أَنَّ لِلْمُزَارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةَ دِرْهَمٍ - كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا لِاشْتِرَاطِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِلْمُزَارِعِ مَعَ نِصْفِ الْخَارِجِ، ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ كُرُّ حِنْطَةٍ مِثْلُ الْكُرِّ الَّذِي بَذَرَهُ الْمُزَارِعُ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ، أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْمُزَارِعِ فِي ذَلِكَ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِأَمْرِهِ، فَيَكُونُ كَعَمَلِ رَبِّ الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْغَرْسُ عِنْدَ رَبِّ الْأَرْضِ وَاشْتَرَطَ مَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةَ دِرْهَمٍ - فَهُوَ فَاسِدٌ لِاشْتِرَاطِ أَجْرِ الْمُسَمَّى لِلْعَامِلِ مَعَ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ، فَإِنَّهُ لَوْ صَحَّ هَذَا كَانَ شَرِيكًا فِي الْخَارِجِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ بِعَمَلِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَإِذَا عَمِلَ عَلَى هَذَا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَسَطٍ، أَوْ شَرَطَ أَنَّ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَلَوْ كَانَ الْغَرْسُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَقَدْ اشْتَرَطَ أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ مِائَةَ دِرْهَمٍ - فَهَذَا فَاسِدٌ لِاشْتِرَاطِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَعَ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ، فَإِنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ كَانَ هُوَ يَسْتَوْجِبُ أَجْرَ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ فِيمَا هُوَ مَشْغُولٌ مِنْ الْأَرْضِ بِنَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الْغِرَاسِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ هُنَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَعَمِلَ فِيهَا لِنَفْسِهِ حِينَ شَرَطَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى نَفْسِهِ أَجْرًا مِائَةَ دِرْهَمٍ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute