للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّهِمْ حَلَّتْ ذَبَائِحُهُمْ بِخِلَافِ الْمَجُوسِ فَإِنَّهُمْ لَا يَدَّعُونَ التَّوْحِيدَ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ، وَهُوَ شَرْطُ الْحِلِّ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الدَّارِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا

حَتَّى أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا مَاتَ لَا يَرِثُهُ قَرَابَتُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ.

وَكَذَلِكَ لَا يَرِثُ هُوَ قَرِيبَهُ الْحَرْبِيَّ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَبِتَبَايُنِ الدَّارِ تَنْقَطِعُ الْعِصْمَةُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ عِصْمَةَ النِّكَاحِ تَنْقَطِعُ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَكَذَلِكَ تَنْقَطِعُ الْوِلَايَةُ فَيَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُجْعَلُ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ كَالْمَيِّتِ.

وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا حَقِيقَةً فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ حُكْمًا حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يُتْرَكَ لِيَسْتَدِيمَ الْمَقَامَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا لَا تَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الَّتِي فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَ هَذَا الْمُسْتَأْمَنِ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ لِهَذَا الْمَعْنَى حَتَّى إذَا مَاتَ يُوقَفُ مَالُهُ حَتَّى يَأْتِيَ دَارَنَا فَيَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّا أَعْطَيْنَاهُ الْأَمَانَ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ فَبَعْدَ مَوْتِهِ يَبْقَى حُكْمُ الْأَمَانِ فِي مَالِهِ لِحَقِّهِ لَا لِحَقِّ وَرَثَتِهِ الَّتِي فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَ مَالِهِ إلَى وَرَثَتِهِ مِنْ حَقِّهِ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ صَرْفَ مَالِهِ إلَى بَيْتِ الْمَالِ.

بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَرِثُونَهُ شَيْئًا وَمَالُ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ يُصْرَفُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ كَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ إذَا مَاتَ

وَأَهْلُ الْحَرْبِ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ إذَا اخْتَلَفَتْ مَنَعَتُهُمْ وَمِلْكُهُمْ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَهْلَ الْعَدْلِ مَعَ أَهْلِ الْعَدْلِ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ دَارُ أَحْكَامٍ فَبِاخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ وَالْمِلْكِ لَا تَتَبَايَنُ الدَّارُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ يَجْمَعُهُمْ، فَأَمَّا دَارُ الْحَرْبِ لَيْسَتْ بِدَارِ أَحْكَامٍ وَلَكِنْ دَارُ قَهْرٍ فَبِاخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ وَالْمِلْكِ تَخْتَلِفُ الدَّارُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِتَبَايُنِ الدَّارِ يَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ.

وَكَذَلِكَ إذَا خَرَجُوا إلَيْنَا بِأَمَانٍ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِينَا فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ فِي مَنَعَةِ مِلْكِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهَا بِأَمَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا صَارُوا ذِمَّةً فَإِنَّهُمْ صَارُوا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْلَمُوا فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَنَعَتُهُمْ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْمَجُوسِ]

(قَالَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) فِي الْمَجُوسِيِّ إذَا كَانَ لَهُ قَرَابَتَانِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>