لَيْسَ بِلَازِمٍ أَوْلَى، وَإِذَا الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَصَارَ كَأَنَّهُمَا شَرَطَا فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ رَبِحَ رِبْحًا فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ وَأَخَذَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ قَبْلَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ، ثُمَّ وَقْع الْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمُضَارِبُ: إنَّكَ قَدْ غَبَنْتَنِي فَزَادَهُ سُدُسَ الرِّبْحِ، أَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: قَدْ غَبَنْتنِي فَنَقَصَ الْمُضَارِبُ مِنْ حَقِّهِ سُدُسَ الرِّبْحِ فَهَذَا جَائِزٌ لَازِمٌ يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَمَّا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَجُوزُ الْحَطُّ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ ارْتَفَعَ بِوُصُولِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ، وَقِسْمَةِ الرِّبْحِ وَصِحَّةِ الزِّيَادَةِ فِي حَالِ بَقَاءِ الْعَقْدِ، ثُمَّ مَا يَأْخُذُ الْمُضَارِبُ يَأْخُذُهُ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، وَقَدْ انْقَضَى عَمَلُهُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا بِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ بِقِسْمَةِ الرِّبْحِ، فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبَدَلِ، وَتَجُوزُ فِي الْحَطِّ، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ فَإِنَّ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ، وَيَجُوزُ الْحَطُّ، فَهَذَا مِثْلُهُ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: الْقِسْمَةُ تُنْهِي عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُنْتَهَى مَا يَكُونُ مُتَقَرِّرًا فِي نَفْسِهِ، فَكَانَ فِي مَعْنَى الْقَائِمِ دُونَ الْمَفْسُوخِ، فَيَجُوزُ الْحَطُّ وَالزِّيَادَةُ جَمِيعًا، ثُمَّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزِيدُ مِنْ وَجْهٍ، وَيَحُطُّ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَزِيدُ فِي حِصَّةِ الْمُضَارِبِ، وَذَلِكَ حَطٌّ مِنْ نَصِيبِهِ. وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ يَزِيدُ فِي نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ حَطٌّ مِنْهُ لِنَصِيبِهِ، فَإِذَا جَازَ مِنْ الْمُضَارِبِ هَذَا بِطَرِيقِ الْحَطِّ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْحَطِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ عِتْقِ الْمُضَارِبِ وَدَعْوَتِهِ الْحَطَّ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَأَعْتَقَهُ الْمُضَارِبُ، فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي مَالِيَّةِ الْعَبْدِ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ، وَالْمُضَارِبُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْفَضْلِ فَبِعِتْقِهِ الْعَبْدَ، وَلَا فَضْلَ فِيهِ، عَتَقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ، وَاَلَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ مَسَائِلُ الْبَابِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَانَ ذَلِكَ النَّوْعُ جَمِيعَ الْمَالِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ أَحَدُ النَّوْعَيْنِ اسْتَوْفَى رَبُّ الْمَالِ جَمِيعَ رَأْسِ مَالِهِ مِنْ الْآخَرِ، فَهُنَا يُعْتَبَرُ الْعَبْدُ كَأَنَّهُ جَمِيعُ الْمَالِ، وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، فَلَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْمُضَارِبِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شَيْءٌ آخَرُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَلَوْ أَعْتَقَهُ رَبُّ الْمَالِ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِيهِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute