للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى رَفْعِ الْحِشْمَةِ وَمَعْنَى الْبَلْوَى لَا يَتَحَقَّقُ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْعَبِيدِ لِلِاسْتِخْدَامِ خَارِجَ الْبَيْتِ لَا دَاخِلَ الْبَيْتِ عَلَى مَا قِيلَ مَنْ اتَّخَذَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ دَاخِلَ بَيْتِهِ فَهُوَ كَشْخَانُ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَحْمُولٌ عَلَى الِاحْتِجَابِ لِمَعْنَى زَوَالِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ قَبْلَ ذَلِكَ تَحْتَاجُ إلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ بِالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ فَتُبْدِي وَجْهَهَا وَكَفَّهَا لَهُ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِالْأَدَاءِ فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ؛ ثُمَّ خَصِيًّا أَوْ فَحْلًا هَكَذَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ الْخُصَى مُثْلَةٌ فَلَا يُبِيحُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا قَبْلَهُ وَلِأَنَّ الْخَصِيَّ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْمَوَارِيثِ كَالْفَحْلِ وَقَطْعُ تِلْكَ الْآلَةِ مِنْهُ كَقَطْعِ عُضْوٍ آخَرَ وَمَعْنَى الْفِتْنَةِ لَا يَنْعَدِمُ فَالْخَصِيُّ قَدْ يُجَامِعُ وَقَدْ قِيلَ هُوَ أَشَدُّ النَّاسِ جِمَاعًا فَإِنَّهُ لَا تَفْتُرُ آلَتُهُ بِالْإِنْزَالِ وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ فَيُنْزِلُ.

وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبًا قَدْ جَفَّ مَاؤُهُ فَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي حَقِّهِ بِالِاخْتِلَاطِ بِالنِّسَاءِ لِوُقُوعِ الْأَمْنِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَمَنْ رَخَّصَ فِيهِ تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى {أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ} [النور: ٣١] وَبَيَّنَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ كَلَامًا فِي مَعْنَى هَذَا فَقِيلَ: هُوَ الْمَجْبُوبُ الَّذِي جَفَّ مَاؤُهُ وَقِيلَ: هُوَ الْمُخَنَّثُ الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَالْكَلَامُ فِي الْمُخَنَّثِ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُخَنَّثًا فِي الرَّدَى مِنْ الْأَفْعَالِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ بَلْ مِنْ الْفُسَّاقِ يُنَحَّى عَنْ النِّسَاءِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي أَعْضَائِهِ لِينٌ وَفِي لِسَانِهِ تَكَسُّرٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَلَا يَكُونُ مُخَنَّثًا فِي الرَّدَى مِنْ الْأَفْعَالِ فَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي تَرْكِ مِثْلِهِ مَعَ النِّسَاءِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ يَدْخُلُ بَعْضَ بُيُوتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَةً فَاحِشَةً» «قَالَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: لَئِنْ فَتَحَ اللَّهُ الطَّائِفَ عَلَى رَسُولِهِ لَأَدُلَّنَّكَ عَلَى مَاوِيَةَ بِنْتِ غَيْلَانَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كُنْت أَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ مِثْلَ هَذَا أَخْرِجُوهُ» وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ التَّابِعِينَ} [النور: ٣١] الْأَبْلَهُ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِالنِّسَاءِ إنَّمَا هَمُّهُ بَطْنُهُ وَفِي هَذَا كَلَامٌ عِنْدَنَا فَقِيلَ: إذَا كَانَ شَابًّا يُنَحَّى عَنْ النِّسَاءِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ إذَا كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ مَاتَتْ شَهْوَتُهُ فَحِينَئِذٍ يُرَخَّصُ فِي ذَلِكَ وَالْأَصَحُّ أَنْ نَقُولَ قَوْله تَعَالَى أَوْ التَّابِعِينَ مِنْ الْمُتَشَابِهِ وقَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا} [النور: ٣٠] مُحْكَمٌ فَنَأْخُذُ بِالْمُحْكَمِ فَنَقُولُ: كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ الرِّجَالِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُبْدِيَ مَوْضِعَ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١]

[جِمَاعُ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ]

فَأَمَّا جِمَاعُ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ حَرَامٌ بِالنَّصِّ يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ وَيَفْسُقُ مُبَاشِرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>