أَوْ طَرِيقٍ أَوْ حَائِطٍ بِأَصْلِهِ أَوْ بِنَاءِ بَيْتٍ فَاَلَّذِي اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ كُلَّهَا وَهَدَمَ مَا أَحْدَثَ هَذَا مِنْ الْبِنَاءِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ مَا هَدَمَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَنْقُضْ الْقِسْمَةَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَرَضِيَ بِمَا فِي يَدِهِ وَقِيلَ هَذَا الْجَوَابُ قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَ شَرِيكِهِ عَلَى مَا قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا بَنَى فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ انْقَطَعَ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِضَ بِنَاءَ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَهُ فَهُنَا إذَا اخْتَارَ نَقْضَ الْقِسْمَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَخَذَ الدَّارَ بِقِسْمَةٍ فَاسِدَةٍ فَهِيَ كَالْمَأْخُوذَةِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ قَالَ الْحَاكِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ جَمِيعًا تَخْرِيجًا عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ شِرَاءً فَاسِدًا؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ شَكًّا فِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الدَّارَ تُتْرَكُ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ أَجْلِ بِنَائِهِ حَيْثُ قَالَ: فِيمَا أَعْلَمُ وَقِيلَ هَذِهِ مِنْ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي جَرَتْ فِيهَا الْمُحَاوَرَةُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا فِي اسْتِحْقَاقِ مَوْضِعِ الْجِذْعِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ؛ لِمَا سِوَاهُمَا حِصَّةً مِنْ الدَّرْكِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِعَيْنِهِ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ.
وَلَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَأَخَذَ الْآخَرُ دَارَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَاسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ وَكَانَتْ لَهُ الدَّارُ الْبَاقِيَةُ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ الدَّارِ الَّتِي أَخَذَ الْآخَرُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى دَارَيْنِ وَقَبَضَهُمَا فَاسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْأُخْرَى وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ فَهُنَا أَيْضًا لَا خِيَارَ لَهُ فِي الْبَاقِيَةِ فَيَرْجِعُ بِعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ، وَذَلِكَ رُبْعُ الدَّارِ الْمُسْتَحَقِّ، وَذَلِكَ رُبْعُ الدَّارِ الَّتِي أَخَذَهَا الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ كِلَيْهِمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ رَجَعَ بِنِصْفِ النِّصْفِ وَهُوَ الرُّبْعُ كَمَا قَرَّرْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ مَا لَا يُقْسَمُ]
(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يُقْسَمُ الْحَمَّامُ وَالْحَائِطُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ وَالْمَقْصُودُ بِالْقِسْمَةِ تَوْفِيرُ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا أَدَّى إلَى الضَّرَرِ وَقَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَمْ يُجْبِرْ الْقَاضِي عَلَيْهِ) فَإِنْ رَضُوا بِهِ جَمِيعًا قَسَمَهُ لِوُجُودِ التَّرَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute