للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخَذَ مَكَانَهُ فَكَمَا بَقِيَ جَمِيعُ الدَّيْنِ بِبَقَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ، وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ - فَكَذَلِكَ يَبْقَى بِبَقَاءِ خَلَفِهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ عَيْبٌ يُنْقِصُهُ ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِحِسَابِ ذَلِكَ يَعْنِي إنْ كَانَ الْعَيْبُ يُنْقِصُهُ الْخُمُسَ سَقَطَ خُمُسُ الْأَلْفِ وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ، فَنِصْفُ الْأَوَّلِ، وَإِذَا انْتَقَصَ سِعْرُهُ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِمَنْزِلَةِ الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -): يُقَوَّمُ الْمَأْخُوذُ صَحِيحَ الْعَيْنَيْنِ، وَيُقَوَّمُ أَعْمَى، فَيَبْطُلُ مِنْ الدَّيْنِ فَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا، وَيَصِيرُ الْأَعْمَى رَهْنًا بِمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهُ أَعْمَى، فَكَانَ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ، فَتَسْقُطُ حِصَّةُ الْعَيْنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ، وَيَكُونُ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ، فَإِنْ شَاءَ الرَّاهِنُ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ مَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ رُبَّمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ لِلتَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَقَدْ بَيَّنَّا فِي - انْكِسَارِ الْقَلْبِ -: أَنَّ الرَّاهِنَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ فَيَجْعَلَهُ فِي حُكْمِ الْهَلَاكِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْتَكَّهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، فَهَذَا مِثْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّهْنِ]

(بَابُ الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّهْنِ) (قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ، ثُمَّ قَتَلَهُ رَجُلٌ فَعَلَيْهِ أَلْفَانِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَتَلَهُ فَإِنْ أَدَّى أَلْفًا، فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّةِ الرَّهْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الرَّاهِنِ، وَقَدْ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِيَّةِ فِي الْأَصْلِ مَشْغُولًا؛ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ بَيْعٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ فَكُلُّ مَالٍ اشْتَمَلَ عَلَى أَصْلٍ وَبَيْعٍ، فَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ يَكُونُ مِنْ الْأَصْلِ وَمَا سِوَاهُ يَكُونُ مِنْ الْبَيْعِ كَمَالَ الْمُضَارَبَةِ إذَا تَوَى بَعْضُهُ عَلَى الْغَرِيمِ كَانَ مَا خَرَجَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالتَّاوِي مِنْ الرِّبْحِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْأَصْلِ أَلْفَيْنِ، فَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْ قِيمَتِهِ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ نِصْفَيْنِ، وَمَا تَوَى بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مَشْغُولٌ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَالنِّصْفُ بِمَنْزِلَةِ الْأَمَانَةِ فِي يَدِهِ وَحَقُّ الرَّاهِنِ فِيهِ أَصْلٌ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا قُتِلَ فَمَا يَخْرُجُ مِنْ قِيمَتِهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَمَا يَتْوَى يَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ، وَلَكِنَّهُ فُقِئَتْ عَيْنُهُ ثُمَّ تَوَى فَالْأَرْشُ عَلَى الْفَاقِئِ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ نِصْفُ الدَّيْنِ فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْأَصْلِ أَلْفًا فَبِفَوَاتِ نِصْفِهِ يَذْهَبُ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبِفَوَاتِ الْعَيْنِ يَفُوتُ مِنْهُ نِصْفٌ شَائِعٌ: نِصْفُهُ مِنْ الْمَضْمُونِ، وَنِصْفُهُ مِنْ الْأَمَانَةِ، فَلِفَوَاتِ نِصْفِ الْمَضْمُونِ يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ.

وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ أَمَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ جَنَتْ الْأُمُّ جِنَايَةً فَدُفِعَتْ بِهَا ذَهَبَ نِصْفُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الدَّيْنِ تَحَوَّلَ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>