نَقَدَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا السُّفْلَ وَالْآخَرُ الْعُلُوَّ وَاشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً؛ لِأَنَّ السُّفْلَ مَعَ الْعُلُوِّ كَالْبَيْتَيْنِ الْمُتَجَاوِرَيْنِ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ فَضْلِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي قِسْمَةِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ شَرْطُ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ أَوْ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ قِسْمَةِ الدُّورِ بِتَفْضِيلِ بَعْضِهَا عَلَى الْبَعْضِ بِغَيْرِ دَرَاهِمَ]
(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مُقَدَّمَهَا وَهُوَ الثُّلُثُ وَالْآخَرُ أَخَذَ مُؤَخَّرَهَا وَهُوَ الثُّلُثَانِ جَازَ ذَلِكَ)؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِسْمَةِ الْمُعَادَلَةُ فِي الْمَالِيَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى مَعَ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْمِسَاحَةِ وَمَالِيَّةُ مُقَدَّمِ الدَّارِ فَوْقَ مَالِيَّةِ مُؤَخَّرِهَا لِكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْمُقَدَّمِ دُونَ الْمُؤَخَّرِ وَتَتَفَاوَتُ الْمَنْفَعَةُ بِحَسْبِ ذَلِكَ فَالْقِسْمَةُ لَا تَخْلُو فِي الْعَادَةِ عَنْ التَّفَاوُتِ فِي الْمِسَاحَةِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ ضَرَرًا وَإِنَّمَا الضَّرَرُ بِالتَّفَاوُتِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمَالِيَّةِ فَفِي ذَلِكَ تُعْتَبَرُ الْمُعَادَلَةُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَأَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ نَصِيبَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ لِوُجُودِ التَّرَاضِي مِنْهُمَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَالَ الَّذِي لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا يُعْتَبَرُ لِجَوَازِ الْمُبَايَعَةِ فِيهِ الْمُرَاضَاةُ، فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ فِي قِسْمِ الْآخَرِ لَيْسَتْ لَهُ غَلَّةٌ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ لِغَرَضٍ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي النَّظَرِ لِنَفْسِهِ فِيهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالٍ عَظِيمٍ جَازَ شِرَاؤُهُ، فَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ أَحَدُهُمَا أَخْذَهُ فِي الْقِسْمَةِ بِقِسْمِهِ
وَإِذَا اقْتَسَمَا دَارًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ عَلَى أَنْ رَفَعَا طَرِيقًا بَيْنَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهُ فَهَذَا جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي الْأَصْلِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ مِلْكٌ لَهُمَا مَحَلٌّ لِلْمُعَاوَضَةِ فَقَدْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ بَعْضَ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ الطَّرِيقِ عِوَضًا عَنْ بَعْضِ مَا سَلَّمَ إلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِالْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَخَذَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْهُمَا يَكُونُ قَدْرَ الثُّلُثِ وَأَخَذَ الْآخَرَ طَائِفَةً تَكُونُ قَدْرَ النِّصْفِ وَرَفَعَا طَرِيقًا بَيْنَهُمَا يَكُونُ مِقْدَارَ السُّدُسِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا نَفَيَا شَرِكَتَهُمَا فِي مَوْضِعِ الطَّرِيقِ وَقَسَّمَا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ عَلَى الْأَخْمَاسِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ وَالْآخَرُ خُمْسَهُ وَلَوْ قَسَّمَا الْكُلَّ بَيْنَهُمَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ جَازَ، فَكَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَا الْبَعْضَ وَبَقِيَا شَرِكَتَهُمَا فِي الْبَعْضِ لِيَكُونَ ذَلِكَ طَرِيقًا لَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِسَاحَةِ مَا فِي أَيْدِيهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ قَسَّمَا الْكُلَّ عَلَى هَذِهِ الْمِسَاحَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute