للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ، فَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَا أَنْ يَتْرُكَاهُ مُشْتَرَكًا لِلطَّرِيقِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ هَذِهِ الْمِسَاحَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ وَيَكُونُ لِلْآخَرِ مَمَرُّهُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الطَّرِيقِ مَمْلُوكٌ لَهُمَا فَقَدْ حَصَّلَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ عَيْنِ الطَّرِيقِ لِصَاحِبِهِ عِوَضًا عَنْ بَعْضِ مَا أَخَذَهُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِالْقِسْمَةِ وَلَكِنْ بَقِيَ لِنَفْسِهِ حَقُّ الْمَمَرِّ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ بِالشَّرْطِ كَمَنْ بَاعَ طَرِيقًا مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْمَمَرِّ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِمِثْلِهِ بَيْعُ السُّفْلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْقَرَارِ الْعُلُوِّ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَالطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا وَرِثَا؛ لِأَنَّهُمَا نَفَيَا شَرِكَتَهُمَا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ فَيَبْقَى فِي هَذَا الْجُزْءِ عَيْنُ مَا كَانَ لَهُمَا مِنْ الشَّرِكَةِ فِي الْكُلِّ.

وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَبَيْنَهُمَا شِقْصٌ مِنْ دَارٍ أُخْرَى فَاقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَالْآخَرُ الشِّقْصَ وَلَمْ يُسَمِّيَا سِهَامَ الشِّقْصِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِلْجَهَالَةِ فَإِنْ أَقَرَّا أَنَّهُمَا كَانَ يَعْرِفَانِ كَمْ هُوَ يَوْمَ اقْتَسَمَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ عَيْنَ التَّسْمِيَةِ فِي الْعَقْدِ غَيْرُ مَقْصُودَةٌ بَلْ الْمَقْصُودُ إعْلَامُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهَا وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمَا، وَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَهُ الْآخَرُ فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى نَصِيبَ فُلَانٍ مِنْ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ كَمْ نَصِيبُهُ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ ذَلِكَ دُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ أَيْضًا وَقِيلَ بَلْ هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِي الْقِسْمَةِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِسْمَةِ الْمُعَادَلَةُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمَالِيَّةِ وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ مَعْلُومًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا كَانَ الشِّقْصُ مَعْلُومًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَلِهَذَا قُلْنَا إذَا جَهِلَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ فَأَمَّا الْبَيْعُ عَقْدُ مُعَايَنَةٍ يُقْصَدُ لِلِاسْتِرْبَاحِ وَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ الْمَبِيعَ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا لَهُ فَأَمَّا حَقُّ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ مَعْلُومٌ فَلِتَحْقِيقِ هَذَا الْمَعْنَى يَظْهَرُ الْفَرْقُ.

وَإِذَا اقْتَسَمَ الرَّجُلَانِ دَارًا عَلَى أَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ مِنْ مُؤَخَّرِهَا بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَأَخَذَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِهَا بِحَقِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَبْنٌ؛ لِأَنَّهُمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَالْقِسْمَةُ نَظِيرُ الْبَيْعِ فَلَا يُمْتَنَعُ جَوَازُهَا بِسَبَبِ الْغَبْنِ عِنْدَ تَمَامِ التَّرَاضِي مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ تَقَعْ الْحُدُودُ بَيْنَهُمَا وَالتَّرَاضِي بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ كَمَا فِي الْبَيْعِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ، فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ وَتَمَامُ الْقِسْمَةِ بِوُقُوعِ الْحُدُودِ بَيْنَهُمَا وَإِذَا كَانَتْ أَقْرِحَةُ الْأَرْضِ مُتَفَرِّقَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَهِيَ كَالدُّورِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقَسَّمُ كُلُّ قَرَاحٍ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>