للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ قُرْبَانِهَا فِي الْمُدَّةِ لِيَسْقُطَ بِهِ الْإِيلَاءُ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ كَانَ فِي مَعْنَى مَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَمِنْ قِيمَةِ الَّذِي اسْتَحْلَفَهُ عَلَى عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ فِي الْتِزَامِ الْأَقَلِّ، فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَيَبْطُلَ مِلْكُهُ عَنْ الْمُدَبَّرِ، أَوْ لَا يَدْخُلَ بِهَا، فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَكَانَ مُلْجَأً مُضْطَرًّا فِي أَقَلِّهِمَا، وَالْمُكْرِهُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ، فَلِهَذَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ.

، وَجَمَعَ فِي السُّؤَالِ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَقِيلَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ: الْجَوَابُ قَوْلُهُمَا، فَأَمَّا عِنْدَ تَحْقِيقِهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ رِقَّ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَهُ فَلَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ، وَإِنَّمَا لَهُ عَلَيْهَا مِلْكُ الْمُتْعَةِ بِمَنْزِلَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْإِتْلَافِ. .

وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ قَالَ إنْ قَرِبْتهَا، فَمَالِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ، فَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَبَانَتْ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ قَرِبَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، فَلَزِمَتْهُ الصَّدَقَةُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَرِبَهَا، فَقَدْ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ الْمُكْرِهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا، فَقَدْ كَانَ هُوَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي الْمُدَّةِ، وَيَلْزَمُهُ بِالْقُرْبَانِ صَدَقَةٌ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهَا، وَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَظِيرُ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى النَّذْرِ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فِي الْمَسَاكِينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ إكْرَاهِ الْخَوَارِجِ الْمُتَأَوِّلِينَ.]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِنْ غَلَبَ قَوْمٌ مِنْ الْخَوَارِجِ الْمُتَأَوِّلِينَ عَلَى أَرْضٍ، وَجَرَى فِيهَا حُكْمُهُمْ، ثُمَّ أَكْرَهُوا رَجُلًا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا، وَصَفْنَا فِي إكْرَاهِ اللُّصُوصِ، أَوْ إكْرَاهِ قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ رَجُلًا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي إكْرَاهِ اللُّصُوصِ، فَهَذَا فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ فِيمَا يَسَعُهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يَسَعُهُ بِمَنْزِلَةِ إكْرَاهِ اللُّصُوصِ؛ لِأَنَّ الْإِلْجَاءَ تَحَقَّقَ بِخَوْفِ التَّلَفِ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ قُدْرَةِ الْمُكْرِهِ عَلَى إيقَاعِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ اللُّصُوصِ، أَوْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، أَوْ مِنْ الْخَوَارِجِ، فَأَمَّا مَا يَضْمَنُ فِيهِ اللُّصُوصُ أَوَيَلْزَمُهُمْ بِهِ الْقَوَدُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَا عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُتَأَوِّلِينَ كَمَا لَوْ بَاشَرُوا الْإِتْلَافَ بِأَيْدِيهِمْ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ غَيْرُ مُلْتَزِمِينَ لِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا انْضَمَّتْ الْمَنَعَةُ بِالتَّأْوِيلِ فِي حَقِّ الْخَوَارِجِ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْهُمْ فِيمَا أَتْلَفُوا مِنْ الدِّمَاءِ، وَالْأَمْوَالِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ أَنَّ الْفِتْنَةَ وَقَعَتْ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا مُتَوَافِرِينَ، وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِي دَمٍ اُسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، وَلَا حَدَّ فِي، فَرْجٍ اُسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، وَلَا ضَمَانَ فِي مَالٍ اُسْتُحِلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>