للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمَةِ إتْلَافَ جُزْءٍ وَالْقَاضِي بِقَضَائِهِ يُحَصِّلُ وَلَا يُتْلِفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ اقْتَسَمَاهُ فَشَقَّاهُ طُولًا أَوْ عَرْضًا بِتَرَاضٍ مِنْهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الثِّيَابُ بَيْنَ قَوْمٍ إنْ اقْتَسَمُوهَا لَمْ يَصِبْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَوْبٌ تَامٌّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْقَطْعِ وَفِيهِ إتْلَافُ جُزْءٍ، وَإِنْ تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ عَلَى شَيْءٍ جَازَ ذَلِكَ.

وَلَوْ كَانَتْ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنِّي أَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتْ قِسْمَتُهَا تَسْتَقِيمُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ثَوْبَيْنِ مِثْلَ قِيمَةِ الثَّالِثِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمَا فَيُعْطِي أَحَدَهُمَا ثَوْبَيْنِ وَالْآخَرَ ثَوْبًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِيمُ لَمْ أَقْسِمْهَا بَيْنَهُمْ إلَّا إنْ تَرَاضَوْا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى شَيْءٍ هَكَذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُقَالَ: إنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ وَكَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبًا وَنِصْفًا؛ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الثَّوْبَيْنِ بَيْنَهُمَا وَيَدَعُ الثَّالِثَ مُشْتَرَكًا، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَقَامَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ ثَوْبًا وَثُلُثَيْ الْآخَرِ وَالْقِسْمَ الْآخَرَ ثَوْبًا وَثُلُثَ الْآخَرِ أَوْ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ ثَوْبًا وَرُبْعًا وَالْآخَرَ ثَوْبًا وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ؛ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ وَيَتْرُكُ الثَّوْبَ الثَّالِثَ مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّهُ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ التَّمْيِيزُ فِي بَعْضِ الْمُشْتَرَكِ وَلَوْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ فِي الْكُلِّ كَانَ يَقْسِمُ الْكُلَّ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ، فَكَذَلِكَ إذَا تَيَسَّرَ ذَلِكَ فِي الْبَعْضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْخِيَارِ فِي الْقِسْمَةِ]

(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا اقْتَسَمَا الشَّرِيكَانِ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ مَتَاعًا وَلَمْ يَرَ أَحَدُهُمَا قِسْمَهُ الَّذِي وَقَعَ لَهُ، ثُمَّ رَآهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا) وَاعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي قِسْمَةٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهَا دُونَ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي فَلَهُ وِلَايَةُ إجْبَارِ الشُّرَكَاءِ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِهِمْ فَلَا مَعْنَى لِإِثْبَاتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَأَمَّا فِيمَا لَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ تَعْتَمِدُ التَّرَاضِيَ كَالْبَيْعِ فَكَمَا أَنَّ فِي الْبَيْعِ الرِّضَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ، فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالذَّهَبُ التِّبْرُ وَأَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَوَاءٌ.

وَإِذَا كَانَتْ أَلْفَا دِرْهَمٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كُلُّ أَلْفٍ فِي كَيْسٍ فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا كِيسًا وَالْآخَرُ أَخَذَ الْكِيسَ الْآخَرَ وَقَدْ رَأَى أَحَدُهُمَا الْمَالَ كُلَّهُ وَلَمْ يَرَهُ الْآخَرُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ عَلَى الَّذِي رَآهُ وَعَلَى الَّذِي لَمْ يَرَهُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ الْبَيْعِ فَإِنَّ عَدَمَ الرُّؤْيَةِ فِي الثَّمَنِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ، فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ أَثْمَانٌ مَحْضَةٌ وَلَا مَقْصُودَ فِي عَيْنِهَا إنَّمَا الْمَقْصُودُ الثَّمَنِيَّةُ وَبِمَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>