النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِتَصَادُقِهِمَا، وَيَدْخُلُ فِي نَصِيبِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْمِيرَاثِ لِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ أَبَوَيْنِ وَابْنًا فَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ فَلِهَذَا قُسِمَ مَا فِي يَدِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ أَقَرَّ ابْنُ الْمَرْأَةِ بِدَعْوَةِ الرَّجُلِ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِهِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمٌ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُمَا، وَلَكِنَّهُ لَا يَرِثُ بِهَذَا مَعَ ابْنِ الْمَيِّتِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الِابْنَ الْبَاقِيَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِشَيْءٍ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ فَتَصْدِيقُهُ فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَتَكْذِيبُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مَالٌ يَنْفَصِلُ عَنْ النَّسَبِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ ثُبُوتًا وَسُقُوطًا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ عَبْدَ الرِّقِّ وَاخْتِلَافَ الدِّينِ وَالنَّسَبَ ثَابِتٌ، وَلَا مِيرَاثَ، وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ بِأَخٍ آخَرَ فَالشَّرِكَةُ فِي الْمِيرَاثِ ثَابِتَةٌ، وَلَا نَسَبَ وَمَا كَانَ طَرِيقُ ثُبُوتِهِ الضَّرُورَةُ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْجُمْلَةُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ يَنْفَصِلُ عَنْ الْآخَرِ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْمِيرَاثُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ ابْنُ الْمَيِّتِ بِدَعْوَةِ الرَّجُلِ، وَقَدْ احْتَلَمَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا جَمِيعًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا التَّصْدِيقِ قَائِمٌ مَقَامَ أَبِيهِ وَثُبُوتُ نَسَبِ أَخِيهِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ نَسَبِ الْآخَرِ ضَرُورَةً وَيَرِثُ مَعَهُ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمِيرَاثِ لَهُ، وَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ سُدُسًا مِنْ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ خُمُسُ مَا فِي يَدِهِ لِلْأَبِ فَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ
قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَمَةً وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَاشْتَرَى رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَوَرِثَهُ مَوْلَاهُ، ثُمَّ اشْتَرَى رَجُلٌ آخَرُ الِابْنَ الْبَاقِي مَعَ أُمِّهِ فَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا لَا يُقِرُّ بِذَلِكَ إلَّا عَبْدٌ لَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَصْدِيقِهِ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمَيِّتِ أَيْضًا مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ الْمِيرَاثُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ اسْتِحْقَاقُ الْمَالِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا الْفَصْلَ إيضَاحًا لِمَا سَبَقَ فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ عَلَى الْمَوْلَى بِهَذَا الطَّرِيقِ كَانَ يَقْدِرُ كَوَاحِدٍ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَوْلَى عَنْ الْمِيرَاثِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الِابْنَ الْآخَرَ فَيَدَّعِيَ نَسَبَهُ، وَهَذَا بَعِيدٌ وَفِيهِ مِنْ الضَّرُورَةِ مَا لَا يَخْفَى فَقُلْنَا لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ، وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْآخَرِ مِنْهُ ضَرُورَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[كِتَاب الْإِقْرَار]
(قَالَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إمْلَاءً اعْلَمْ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ مُتَمَثِّلٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَكَانَ مُحْتَمَلًا بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِهِ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَلَكِنَّهُ جُعِلَ حُجَّةً بِدَلِيلٍ مَعْقُولٍ وَهُوَ أَنَّهُ ظَهَرَ رُجْحَانُ جَانِبِ الصِّدْقِ عَلَى جَانِبِ الْكَذِبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ الْغَيْرِ رُبَّمَا تَحْمِلُهُ النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ كَاذِبًا وَرُبَّمَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالصِّدْقِ وَفِي حَقِّ نَفْسِهِ النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute