للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ مَعَ الْعُلْيَا ثَلَاثُ بَنَاتِ أَعْمَامٍ مُتَفَرِّقِينَ فَلِلْعُلْيَا، وَمَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ فَطَرِيقُ تَخْرِيجِهِ مَا بَيَّنَّا وَيَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ الْمُعَايَاةِ وَمُتَشَابِهُ الْأَنْسَابِ، وَلَكِنْ أَوْرَدَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِذَلِكَ بَابًا فِي آخِرِ الْكِتَابِ فَيُؤَخَّرُ الْبَيَانُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَكُونَ أَسْهَلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. .

[بَابُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) الْأَصْلُ فِي تَوْرِيثِهِمْ آيَتَانِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إحْدَاهُمَا قَوْله تَعَالَى {، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ، أَوْ أُخْتٌ} [النساء: ١٢] مَعْنَاهُ أَخٌ، أَوْ أُخْتٌ لِأُمٍّ هَكَذَا فِي قِرَاءَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتُسَمَّى هَذِهِ الْآيَةِ آيَةَ النِّسَاءِ لِأَنَّهَا فِي النِّسَاءِ نَزَلَتْ وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى {يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: ١٧٦] إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَالْمُرَادُ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ هَكَذَا قَالَهُ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُسَمَّى هَذِهِ الْآيَةُ آيَةَ الصَّيْفِ لِأَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِي الصَّيْفِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي مَعْنَى اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَتَيْنِ وَهُوَ الْكَلَالَةُ أَنَّهُ عِبَارَةُ عَمَّا خَلَا عَنْ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، وَفِي آيَةِ النِّسَاءِ الْكَلَامُ مُبْهَمٌ جِدًّا، وَفِي آيَةِ الصَّيْفِ زِيَادَةُ بَيَانٍ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] وَكَانَ «عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى السُّؤَالِ عَنْ الْكَلَالَةِ حَتَّى أَنَّهُ رُوِيَ لَمَّا أَلَحَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السُّؤَالِ عَنْهُ وَضَعَ فِي صَدْرِهِ فَقَالَ أَمَا يَكْفِيك آيَةُ الصَّيْفِ»، وَإِنَّمَا أَحَالَهُ عَلَى الْآيَةِ لِيَجْتَهِدَ فِي طَلَبِ مَعْنَاهَا فَيَنَالَ ثَوَابَ الْمُجْتَهِدِينَ وَرُوِيَ أَنَّ «ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِحَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَتَى وَجَدْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَيِّبَةَ نَفْسٍ فَسَلِيهِ عَنْ الْكَلَالَةِ فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثِيَابَهُ يَوْمًا لِيَخْرُجَ فَقَالَتْ حَفْصَةُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْكَلَالَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَبُوك أَمَرَك بِذَلِكَ مَا أَرَاهُ يَعْرِفُ الْكَلَالَةَ فَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ مَا أَرَانِي أَعْرِفُ الْكَلَالَةَ بَعْدَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَالَ» وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا ثَلَاثًا وَلَوْ عَلِمْتهَا لَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ الدِّينَا، وَمَا فِيهَا الْكَلَالَةُ وَالْخِلَابَةُ وَالرِّبَا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنِّي رَأَيْت فِي الْكَلَالَةِ رَأْيًا فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ أَرَى الْكَلَالَةَ مَا خَلَا عَنْ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى رَأْيِهِ وَقَالَ لَا أَرْضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>