للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجْزَأَهُ أَنْ يُهْدِيَ مِثْلَهَا قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُعْطِي فِي الزَّكَاةِ قِيمَةَ الشَّاةِ فَيَجُوزَ.

وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ فَأَهْدَى شَاةً تَبْلُغُ قِيمَتَهَا قِيمَةُ شَاتَيْنِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إرَاقَةَ دَمَيْنِ، وَإِرَاقَةُ دَمٍ وَاحِدٍ لَا يَقُومُ مَقَامَ إرَاقَةِ دَمَيْنِ وَمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ التَّصَدُّقُ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ التَّقَرُّبَ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ فَلَا يَقُومُ التَّصَدُّقُ بِالْقِيمَةِ مَقَامَهُ حَتَّى قِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ فَعَلَى مَا ذَكَرَ هُنَا يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ هُنَاكَ أَيْضًا.

وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَاةً فَأَهْدَى جَزُورًا يُجْزِئُهُ وَهُوَ مُحْسِنٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً فَإِنَّ الْجَزُورَ قَائِمٌ مَقَامَ سَبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ حَتَّى يُجْزِيَ عَنْ سَبْعَةِ نَفَرٍ فَفِيهِ وَفَاءٌ بِالْوَاجِبِ وَزِيَادَةٌ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا لِإِيضَاحِ أَنَّهُ إذَا أَهْدَى مِثْلَ مَا عَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ أَهْدَى قِيمَتَهُ أَجْزَأَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

[بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ]

(بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ) (قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلٌ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَبْلُغْ مَالُ الْمَيِّتِ النَّفَقَةَ فَأَنْفَقَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَمَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَكَانَ مَالُهُ بِحَيْثُ يَبْلُغُ ذَلِكَ أَوْ عَامَّةَ النَّفَقَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ يَرُدُّهُ، وَيَحُجُّ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهِ فِي الطَّرِيقِ وَالْأَكْثَرُ لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الْقَلِيلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَقَدْ يُضِيفُهُ إنْسَانٌ يَوْمًا فَلَا يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ يَسْتَصْحِبُ مَعَ نَفْسِهِ زَادًا أَوْ ثَوْبًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَقَدْ يَشْرَبُ الْمَاءَ فَيُعْطِي السَّقَّاءَ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يَجْعَلُهُ عَفْوًا فَاعْتَبَرْنَا الْأَكْثَرَ وَقُلْنَا إذَا كَانَ أَكْثَرُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَكَأَنَّ الْكُلَّ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَانَ جَمِيعُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ الْحَجُّ عَنْهُ وَيَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ أَمَرَ بِأَنْ يُنْفَقَ فِي سَفَرِ الْحَجِّ بِذَلِكَ السَّفَرِ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ نَفْسِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ أَصْلَ الْحَجِّ يَكُونُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَأَنَّ إنْفَاقَ الْحَاجِّ مِنْ مَالِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ كَإِنْفَاقِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَنْ لَوْ قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ وَبِنَحْوِهِ جَاءَتْ السُّنَّةُ «فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَائِلَةٍ حُجِّي عَنْ أَبِيكِ وَاعْتَمِرِي»، وَقَالَ رَجُلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>