شَفَقَةَ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ وِلَايَةِ التَّزْوِيجِ يَثْبُتُ لِلْعَمِّ وَالْأَخِ بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ، فَإِنْ كَانَ أَخُوهَا، أَوْ عَمُّهَا مُفْسِدًا مَخُوفًا لَمْ يُخَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا؛ لِأَنَّ ضَمَّهَا إلَيْهِ لِدَفْعِ الْفِتْنَةِ فَإِذَا كَانَ سَبَبًا لِلْفِتْنَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ ضَمِّهَا إلَيْهِ بَلْ يُجْعَلُ هُوَ كَالْمَعْدُومِ فَتَكُونُ وِلَايَةُ النَّظَرِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي يَنْظُرُ امْرَأَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثِقَةً فَيَضَعُهَا عِنْدَهَا وَكَمَا يَثْبُتُ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ النَّظَرِ فِي مَالِهَا عِنْدَ عَجْزِهَا عَنْ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْبِكْرُ قَدْ دَخَلَتْ فِي السِّنِّ فَاجْتَمَعَ لَهَا رَأْيُهَا وَعَقْلُهَا وَأَخُوهَا أَوْ عَمُّهَا مَخُوفٌ عَلَيْهَا فَلَهَا أَنْ تَنْزِلَ حَيْثُ شَاءَتْ فِي مَكَان لَا يُخَافُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الضَّمَّ كَانَ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ بِسَبَبِ الِانْخِدَاعِ وَفَرْطِ الشَّبَقِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ حِينَ دَخَلَتْ فِي السِّنِّ وَاجْتَمَعَ لَهَا رَأْيُهَا وَعَقْلُهَا
(قَالَ:) وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فِي الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ الْمُطَلَّقَةِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحَقِّ لِلْأُمِّ بِاعْتِبَارِ شَفَقَتِهَا عَلَى الْوَلَدِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ أُمِّ الْوَلَدِ، بَلْ شَفَقَتُهُنَّ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ أَظْهَرُ مِنْ شَفَقَةِ الْحَرَائِرِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَانَ سَبَبَ عِتْقِهَا إلَّا أَنَّ قَبْلَ الْعِتْقِ لَيْسَ لَهَا حَقُّ الْحَضَانَةِ لِاشْتِغَالِهَا بِخِدْمَةِ مَوْلَاهَا وَلِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَا عَلَى نَفْسِهَا وَحَقُّ الْحَضَانَةِ نَوْعُ وِلَايَةٍ فَكَمَا لَا يَثْبُتُ سَائِرُ الْوِلَايَاتِ لِلرَّقِيقِ، فَكَذَلِكَ فِي الْحَضَانَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى يَزُولُ بِالْعِتْقِ فَكَانَتْ فِي الْحَضَانَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَالَ:) وَالْأَمَةُ إذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ لِمَوْلَى الْأَمَةِ يَأْخُذُهُمْ الْمَوْلَى وَهُوَ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَبَعُ الْأُمِّ فِي الْمِلْكِ وَالْمَمْلُوكُ مَالِكُهُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا لَمْ يُفَارِقْ أُمَّهُ فَالْمَوْلَى أَوْلَى بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ أُمِّهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدَهَا فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
[بَابُ مَتَاعِ الْبَيْتِ]
(قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ كَالدِّرْعِ وَالْخِمَارِ وَالْمَغَازِلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَمَا كَانَ لِلرِّجَالِ كَالسِّلَاحِ وَالْقَبَاءِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْمِنْطَقَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْفَرَسِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وَمَا كَانَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَالْخَادِمِ وَالْعَبْدِ وَالشَّاةِ وَالْفُرُشِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَا حَيَّيْنِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْحَيِّ مِنْهَا وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا أَيِّهِمَا كَانَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute