للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُعْطَى الْمَرْأَةُ جِهَازَ مِثْلِهَا وَالْبَاقِي لِلرَّجُلِ، اُسْتُحْسِنَ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَهُوَ لِلزَّوْجِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَإِنَّمَا لَهَا مَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ شُبْرُمَةَ الْمَتَاعُ كُلُّهُ لِلرَّجُلِ إلَّا مَا عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهَا. وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَتَاعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إذَا لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَحَدُ أَقَاوِيلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفِي قَوْلٍ آخَرَ الْمُشْكِلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إنْ كَانَ الْبَيْتُ بَيْتَ الْمَرْأَةِ فَالْمَتَاعُ كُلُّهُ لَهَا إلَّا مَا عَلَى الزَّوْجِ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ بَيْتَ الزَّوْجِ فَالْمَتَاعُ كُلُّهُ لَهُ؛ لِأَنَّ يَدَ صَاحِبِ الْبَيْتِ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ أَقْوَى وَأَظْهَرُ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ سَاكِنَةُ الْبَيْتِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُسَمَّى قَعِيدَةً فَإِذَا كَانَ الْبَيْتُ لَهَا فَالْبَيْتُ مَعَ مَا فِيهِ فِي يَدِهَا وَعِنْدَ دَعْوَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ الْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْيَدِ وَمَنْ يَقُولُ الْمَتَاعُ كُلُّهُ لِلزَّوْجِ قَالَ: لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَمَا فِي بَيْتِهَا يَكُونُ فِي يَدِ الزَّوْجِ أَيْضًا.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ وَأَنَّ الْمَنْزِلَ يُضَافُ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي امْرَأَةٍ وَهِيَ فِي بَيْتِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْلَى، وَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْحَانُوتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ إلَّا مَا عَلَيْهِ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ، فَهَذَا مِثْلُهُ، وَمَنْ يَقُولُ: الْكُلُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ يَقُولُ: اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا سَاكِنَانِ فِي الْبَيْتِ فَالْبَيْتُ مَعَ مَا فِيهِ يَكُونُ فِي يَدِهِمَا وَلَا مُعْتَبَرَ فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ بِالشَّبَهِ أَلَا تَرَى أَنَّ إسْكَافًا وَعَطَّارًا لَوْ تَنَازَعَا فِي آلَاتِ الْأَسَاكِفَةِ، أَوْ آلَاتِ الْعَطَّارِينَ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا قُضِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَّخِذُ الشَّيْءَ لِاسْتِعْمَالِهِ وَقَدْ يَتَّخِذُهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ، فَكَذَلِكَ هَذَا وَمَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمُشْكِلَ بَيْنَهُمَا، يَقُولُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ نَوْعُ تَرْجِيحٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي اتَّخَذَهُ لِاسْتِعْمَالِهِ فَيَتَرَجَّحُ بِهِ، كَمَا لَوْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ مَعَ سُكَّانِهَا فِي لَوْحٍ مَوْضُوعٍ فِي الدَّارِ وَنَقْشُهُ يُشْبِهُ نَقْشَ الْأَلْوَاحِ الَّتِي فِي السَّقْفِ وَمَوْضِعُهُ مِنْ السَّقْفِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ لِأَجْلِ شَهَادَةِ الظَّاهِرِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ كَسَائِرِ الْأَمْتِعَةِ فَأَمَّا فِي الْمُشْكِلِ لَا تَرْجِيحَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.

وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ مَا فِي يَدِهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تُزَفُّ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>