الْفِدَاءَ سَوَاءٌ، وَإِنْ اخْتَارَ الْأَوْسَطُ الْفِدَاءَ وَالْآخَرُ الدَّفْعَ فَهَذَا وَمَا لَوْ صَارَ الدَّفْعَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَصِيبِ وَرَثَةِ الْوَاهِبِ الثَّانِي إلَّا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِاخْتِيَارِهِمْ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ. وَفِي نَصِيبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْآخَرِ جِنَايَتَانِ فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِاخْتِيَارِهِ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ يَدْفَعُ نَصِيبَهُ إلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَعِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ يَفْدِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِ نَصِيبِهِ؛ فَلِهَذَا يُغَيَّرُ الْحُكْمُ بِاخْتِيَارِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى، فَإِنَّ الثَّانِيَ يَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مِنْهُمَا مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ، قَدْ تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْبَاقِي بِحَقِّهِ، فَيَقُولُ: قَدْ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ نِصْفَيْنِ عَلَى سَهْمَيْنِ، وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ فَبَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا: الْبَاقِي فِي رَقَبَةِ الْآخَرِ فَهُوَ يَضْرِبُ فِي رَقَبَتِهِ بِسَهْمٍ، وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ، فَتَكُونُ رَقَبَتُهُ عَلَى خَمْسَةٍ يَسْلَمُ لَهُ الْخُمْسُ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِ. فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَيِّتُ تَرَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَضِفْ الْمِائَةَ إلَى قِيمَةِ الْبَاقِي، ثُمَّ يُجْعَلُ لَهُ الْخُمْسُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ السِّعَايَةِ فَوْقَ مَا تَرَكَهُ فَيُجْعَلُ مَا تَرَكَ مَالَ الْمَوْلَى، فَيَكُونُ مَالُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ، فَيَضْرِبُ فِيهِ الْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ، وَالْعَبْدُ الْبَاقِي فَيَسْلَمُ لَهُ الْخُمْسُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ ثَمَانُونَ، وَيَسْعَى فِي مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ مِنْ قِيمَتِهِ، فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ، قَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْحَيِّ فِي ثَمَانِينَ وَلِلْمَيِّتِ فِي مِثْلِهِ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا فِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبْدَيْنِ حَتَّى سَعَى أَحَدُهُمَا فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ مَاتَ أَوْ أَبَقَ أَوْ عَجَزَ عَنْ السِّعَايَةِ ضَمَّ مَا سَعَى فِيهِ إلَى رَقَبَةِ الْآخَرِ، ثُمَّ جَعَلَ لِلْبَاقِي خُمْسَ ذَلِكَ لِلتَّخْرِيجِ الَّذِي بَيَّنَّا.
وَلَوْ عَجَّلَا لِلْمَرِيضِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا فَاسْتَهْلَكَهَا، ثُمَّ مَاتَ كَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْعَيَا فِي ثُلُثَيْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْمَوْتِ ثُلُثُ رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ عِوَضُ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا اسْتَهْلَكَ إلَّا بَعْدَ جُمْلَةِ مَالِهِ، فَإِنَّمَا نَفَذَ الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي ثُلُثِ الثُّلُثِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ ثُلُثِ قِيمَتِهِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهَا عَجَّلَ لَهُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ فَاسْتَهْلَكَهَا، ثُمَّ مَاتَ ضَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ إلَى رَقَبَةِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ أَرْبَعَمِائَةٍ، وَهُوَ جَمِيعُ تَرِكَةَ الْمَوْلَى فَثُلُثُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَيَسْعَى الَّذِي لَمْ يُعَجِّلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute