للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احْتَبَسَتْ عِنْدَهُ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا لَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ بِمَا يَدَّعِي مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ لَزِمَهُ الثَّمَنُ فَإِذَا أَنْكَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْأَيْمَانِ فِي الْعِتْقِ]

(قَالَ) وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ أَوَانَ نُزُولِ الْعِتْقِ الْمُتَعَلِّقِ بِالشَّرْطِ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَبَعْدَ الْبَيْعِ هُوَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَيَعْتِقُ؛ لِأَنَّ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْبَيْعِ فَحِينَئِذٍ يَزُولُ مِلْكُهُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ فَلَا يَعْتِقُ.

وَلَوْ قَالَ إذَا دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ فَدَخَلَ الدَّارَ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ يَقُولُ يَعْتِقُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ قَدْ صَحَّ فِي الْمِلْكِ فَيَنْزِلُ الْعِتْقُ مِنْ جِهَتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا يُعْتَبَرُ قِيَامُ مِلْكِهِ فِي الْمَحَلِّ عِنْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ قِيَامُ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْمَوْلَى حَتَّى لَوْ جُنَّ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّرْطِ إنَّمَا يَصِلُ إلَى الْمَحَلِّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِيَعْتِقَ مِنْ جِهَتِهِ وَالْأَهْلِيَّةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِصِحَّةِ التَّكَلُّمِ وَتَكَلُّمُهُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَسْتَقِيمُ أَنْ يُجْعَلَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُنَجِّزِ لِلْعِتْقِ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الَّذِي صَحَّ مِنْهُ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ هَذَا فَدَخَلَ الدَّارَ لَمْ يَعْتِقْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ نُزُولُ الْجَزَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ بَعْدَ الْبَيْعِ حَتَّى اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ عَتَقَ عِنْدَنَا لِبَقَاءِ الْيَمِينِ بِزَوَالٍ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الشَّرْطِ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَعْتِقُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِبُطْلَانِ الْيَمِينِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْيَمِينَ كَمَا لَا يَنْعَقِدُ عِنْدَهُ إلَّا فِي الْمِلْكِ لَا يَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ.

فَإِنْ قَالَ إذَا دَخَلْتَ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ فَدَخَلَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ الْأُخْرَى عَتَقَ لِوُجُودِ الْمِلْكِ عِنْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ قِيَامَ الْمِلْكِ عِنْدَ وُجُودِ نَفْسِ الشَّرْطِ كَمَا يَعْتَبِرُهُ عِنْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الطَّلَاقِ، فَإِنْ دَخَلَ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْبَيْعِ ثُمَّ بَاعَهُ فَدَخَلَ الْأُخْرَى لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَمَّ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَأَوَانُ نُزُولِ الْجَزَاءِ مَا بَعْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ إذَا دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ إذَا كَلَّمْتَ فُلَانًا فَبَاعَهُ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَكَلَّمَ فُلَانًا لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ شَرْطَ الْعِتْقِ الْكَلَامَ وَعَلَّقَ ذَلِكَ الْيَمِينَ بِدُخُولِ الدَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>