للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَلَدِ غُرَّةٌ لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِدَعْوَتِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَبَدَلُ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْغُرَّةُ وَكَانَ مِيرَاثًا لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ مُكَاتَبَةٌ بَعْدُ فَلَا تَرِثُ شَيْئًا، وَلَكِنَّهَا تَأْخُذُ الْعُقْرَ مِنْ الْمَوْلَى إذَا اخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ.

وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ الْمَوْلَى وَمَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ لَمْ يَلْزَمْ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا بِالدَّعْوَةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا فَوَلَدَتْ هَذِهِ الِابْنَةُ بِنْتًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الِابْنَةَ السُّفْلَى عَتَقَتْ هِيَ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي كِتَابَةِ الْجَدَّةِ وَمَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى بِإِعْتَاقِهِ إيَّاهَا، وَإِنْ أَعْتَقَ الِابْنَةَ الْأُولَى عَتَقَتْ هِيَ وَالِابْنَةُ السُّفْلَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - لَا تَعْتِقُ السُّفْلَى، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ مَعَ الْجَدَّةِ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّ السُّفْلَى تَبَعٌ لِلْجَدَّةِ فِي الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدٍ آخَرَ لَهَا وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلَدَانِ فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا لَمْ يَعْتِقُ الْآخَرُ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْجَدَّةَ لَوْ مَاتَتْ كَانَ عَلَى الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى السِّعَايَةُ فِيمَا عَلَيْهَا مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِذَا أَدَّتْ السِّعَايَةَ إحْدَاهُمَا لَمْ تَرْجِعْ عَلَى الْأُخْرَى بِشَيْءٍ وَأَنَّ الْجَدَّةَ فِي حَالِ حَيَاتِهَا أَحَقُّ بِكَسْبِهَا لِتَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى مُكَاتَبَتِهَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْعُلْيَا تَبَعٌ وَلَا تَبَعَ لِلتَّبَعِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُمَا فِي الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدَيْنِ مِنْ الْجَدَّةِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ مَعَ هَذَا السُّفْلَى جُزْءٌ مِنْ الْعُلْيَا كَمَا أَنَّ الْعُلْيَا جُزْءٌ مِنْ الْجَدَّةِ، ثُمَّ لَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْجَدَّةَ عَتَقَتْ الْعُلْيَا فَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ الْعُلْيَا عَتَقَتْ السُّفْلَى وَالسُّفْلَى تَبَعٌ لِلْجَدَّةِ كَمَا قَالَا، وَلَكِنْ بِوَاسِطَةِ الْعُلْيَا وَلَا تَتَحَقَّقُ هَذِهِ الْوَاسِطَةُ إلَّا بَعْدَ جَعْلِ السُّفْلَى تَبَعًا لِلْعُلْيَا وَلَوْ أَعْتَقَ الْعُلْيَا قَبْلَ انْفِصَالِ السُّفْلَى مِنْهَا بِلَا شَكٍّ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّبَعِيَّةِ بِالِانْفِصَالِ لَا يَنْقَطِعُ لِبَقَاءِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ.

وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ مِنْ مَوْلَاهَا ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهَا أَمَةٌ لِفُلَانٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقَّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ قَدْ ثَبَتَ لَهَا وَاسْتَحَقَّ الْمَوْلَى وَلَاءَهَا فَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى إبْطَالِهِ.

فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي بِعْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ تَنْقُدْ الثَّمَنَ، وَقَالَ الْمَوْلَى زَوَّجْتنِي وَالْأَمَةُ مَعْرُوفَةٌ لِلْمُدَّعِي فَعَلَى الْمَوْلَى الْمَهْرُ يَسْتَوْفِيه الْمُدَّعِي قِصَاصًا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَصَادَقَانِ عَلَى وُجُوبِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قِيمَةٌ فِي الْأُمِّ وَلَا فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ اسْتِرْدَادِهَا كَانَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي بِبَيْعِهَا مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا لِكَوْنِهَا مَعْرُوفَةً أَنَّهَا لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي ضَمِنَ لَهُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ اسْتِرْدَادِهَا لَمْ يَكُنْ بِإِقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ، وَلَكِنْ كَانَ بِالِاسْتِيلَادِ الْمَوْجُودِ مِنْ الْمُسْتَوْلِدِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْبَيْعَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا وَقَدْ أَقَرَّ الْمُسْتَوْلِدُ أَنَّهَا مِلْكُ الْمُقِرِّ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>