وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هَذَا وَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا، وَالْفَصْلُ الثَّانِي سَوَاءٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
قَالَ: وَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَنَفَاهُ لَاعَنَهَا لِقِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ، وَيَلْزَمُ الْوَلَدُ أَبَاهُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ سَبَقَ النِّكَاحَ الثَّانِي فَكَانَ حَاصِلًا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَبِالْفُرْقَةِ بَعْدَهُ تَقَرَّرَ النَّسَبُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَفِي بِحَالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا النِّكَاحَ الثَّانِي لَاعَنَ وَلَزِمَ الْوَلَدُ أُمَّهُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ قَائِمٌ فَيَسْتَنِدُ الْعُلُوقُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ، وَهُوَ مَا بَعْدَ النِّكَاحِ الثَّانِي فَإِذَا نَفَاهُ يُقْطَعُ النَّسَبُ عَنْهُ بِاللِّعَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْوِلَادَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهَا]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمَةٌ وَلَدَتْ فَادَّعَتْ أَنَّ مَوْلَاهَا قَدْ أَقَرَّ بِهِ فَجَحَدَ الْمَوْلَى فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ) لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَشْهَدُ بِالْقَوْلِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ عَلَى الْفِرَاشِ وَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ شَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ فَإِنْ اتَّفَقَ رَجُلَانِ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَعَلَى الْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ شَهِدَا عَلَى الْإِقْرَارِ فَثُبُوتُ الْإِقْرَارِ بِالْبَيِّنَةِ كَثُبُوتِهِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْوِلَادَةِ فَقَدْ شَهِدَا بِالسَّبَبِ الْمُثْبِتِ لِلنَّسَبِ مِنْهُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى ذِمِّيًّا وَالْأَمَةُ مُسْلِمَةً فَشَهِدَ ذِمِّيَّانِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ تَقُومُ عَلَى الْمَوْلَى وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ حُجَّةٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الْمُدَّعِي، وَالْأَمَةُ جَاحِدَةٌ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّينَ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً، وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا تَجْحَدُ الْمَمْلُوكِيَّةَ لِلْمَوْلَى فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ تُقِرُّ بِذَلِكَ يَنْفَرِدُ الْمَوْلَى بِدَعْوَةِ نَسَبِ وَلَدِهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِتَكْذِيبِهَا.
وَلَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَشَهِدَ عَلَى الدَّعْوَةِ أَبُ الْمَوْلَى وَجَدُّهُ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ بِالسَّبَبِ لِلْوَلَدِ وَهُوَ ابْنُ ابْنَيْهِمَا، وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ لِابْنِ ابْنِهِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَوْلَى جَازَتْ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ الْمَوْلَى جَاحِدًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأَخِيهِمَا عَلَى أَبِيهِمَا وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ عَلَى أَبِيهِ مَقْبُولَةٌ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَبِيهِ، وَإِذَا طَلُقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ زَوْجِهَا فَاعْتَدَّتْ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ مِنْ الزَّوْجِ الْآخَرِ، ثُمَّ جَاءَ الْوَلَدُ حَيًّا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْوَلَدُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ فَإِنَّ نَفْيَهُ لَا يُفْسِدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute