فِرَاشَهُ، وَالزَّوْجُ الثَّانِي صَاحِبُ الْفِرَاشِ الْفَاسِدِ، وَلَا مُعَارِضَةَ بَيْنَ الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ بِوَجْهٍ بَلْ الْفَاسِدُ مَدْفُوعٌ بِالصَّحِيحِ وَالْمَرْأَةُ مَرْدُودَةٌ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ كَمَنْ زَوَّجَ أُمَّتَهُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ دُونَ الْمَوْلَى، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ لَا يُعَارِضُ النِّكَاحَ فِي الْفِرَاشِ بَلْ الْفِرَاشُ الصَّحِيحُ لِصَاحِبِ النِّكَاحِ بَلْ أَوْلَى فَإِنَّ هُنَاكَ مِلْكَ الْيَمِينِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ غَيْرُ مُثْبِتٍ لِلْحِلِّ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ غَيْرُ مُثْبِتٍ لِلْحِلِّ فَإِنْ نَفَى الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ الْوَلَدَ أَوْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا أَوْ ادَّعَيَا أَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْصَنَةٍ حِينَ دَخَلَ الزَّوْجُ الثَّانِي بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْأَوَّلِ.
وَالنَّسَبُ إذَا ثَبَتَ بِالنِّكَاحِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: الْوَلَدُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الْفَاسِدَ يُثْبِتُ النَّسَبَ كَالْفِرَاشِ الصَّحِيحِ أَوْ أَقْوَى حَتَّى يَثْبُتَ النَّسَبُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ، ثُمَّ الثَّانِي إلَيْهَا أَقْرَبُ يَدًا وَالْوَلَدُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ حَقِيقَةً فَيَتَرَجَّحُ جَانِبُهُ بِالْقُرْبِ، وَاعْتِبَارٍ لِلْحَقِيقَةِ وَذَكَرَ أَبُو عِصْمَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مَعَ الزَّوْجِ الثَّانِي كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَفِيهِ حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُعْفِيٍّ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ، ثُمَّ مَاتَ وَلَحِقَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَزَوَّجَ الْجَارِيَةَ إخْوَتُهَا فَجَاءَ ابْنُ الْحُرِّ فَخَاصَمَ زَوْجَهَا إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَا إنَّكَ الْمُمَالِي عَلَيْنَا عُدْوَانًا فَقَالَ أَيَمْنَعُنِي ذَلِكَ مِنْ عَدْلِك فَقَالَ لَا فَقَضَى بِالْمَرْأَةِ لَهُ، وَقَضَى بِالْوَلَدِ لِلزَّوْجِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: الْحَدِيثُ غَيْرُ مَشْهُورٍ فَلَا يُتْرَكُ بِهِ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ، وَلَوْ ثَبَتَ وَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ، وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَهُوَ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فَهُوَ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي سَوَاءٌ ادَّعَيَاهُ أَوْ نَفَيَاهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ يَلْحَقُ بِالصَّحِيحِ فِي حُكْمِ النَّسَبِ فَبِاعْتِرَاضِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ النَّسَبِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ لِلثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ بِأَدْنَى مُدَّةِ الْحَبَلِ اعْتِبَارًا لِلْفَاسِدِ بِالصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْأَوَّلَ يَنْقَطِعُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ بِدُخُولِ الثَّانِي بِهَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ مِنْ الثَّانِي.
وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ لَيْسَ إلَّا لِصِيَانَةِ الْمَاءِ فِي الرَّحِمِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ النَّسَبُ بِحَيْثُ يَثْبُتُ مِنْ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْ الثَّانِي مَعْنًى وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ دَخَلَ بِهَا لِلثَّانِي فَهُوَ الثَّانِي، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ دَخَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute