للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالرَّأْسِ فَوَضَعُوهَا فِي مَوْضِعِ الرِّجْلَيْنِ وَصَلَّوْا عَلَيْهَا جَازَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ مَا هُوَ شَرْطٌ وَهُوَ كَوْنُ الْمَيِّتِ أَمَامَ الْإِمَامِ فَقَدْ وُجِدَ إنَّمَا التَّغَيُّرُ فِي صِفَةِ الْوَضْعِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُمْ إنْ تَعَمَّدُوا ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءُوا بِتَغْيِيرِ الْوَضْعِ عَمَّا تَوَارَثَهُ النَّاسُ

(قَالَ) وَإِذَا أَخْطَئُوا الْقِبْلَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ يَعْنِي إذَا صَلَّوْا بِالتَّحَرِّي وَإِنْ تَعَمَّدُوا خِلَافَهَا لَمْ تَجُزْ عَلَى قِيَاسِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهَا فِي وُجُوبِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ

[دفن الْمَيِّت قَبْل الصَّلَاة عَلَيْهِ]

(قَالَ) وَإِنْ دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا صُلِّيَ فِي الْقَبْرِ عَلَيْهَا إنَّمَا لَا يُخْرَجُ مِنْ الْقَبْرِ لِأَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَخَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ. جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ» وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا حَقَّهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ تَتَأَتَّى فَقَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِهَذَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ تَفَرَّقَ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ لَا عَلَى أَعْضَائِهِ وَفِي الْأَمَالِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَبِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَبِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَيِّتِ فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَكْبَرُ الرَّأْيِ وَاَلَّذِي رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ» مَعْنَاهُ دَعَا لَهُمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: ١٠٣] وَقِيلَ: إنَّهُمْ كَمَا دُفِنُوا لَمْ تَتَفَرَّقْ أَعْضَاؤُهُمْ وَهَكَذَا وُجِدُوا حِينَ أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُحَوِّلَهُمْ فَتَرَكَهُمْ

(قَالَ) وَيُصَفُّ النِّسَاءَ خَلْفَ الرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا» وَإِنْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ بِجَنْبِ رَجُلٍ لَمْ تُفْسِدْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْفَسَادَ بِسَبَبِ الْمُحَاذَاةِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ بِهِ فِي صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَلِهَذَا لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ قَهْقَهَ فِيهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ

(قَالَ): وَإِذَا صَلَّوْا قُعُودًا أَوْ رُكْبَانًا فِي الْقِيَاسِ يُجْزِيهِمْ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِأَنَّ رُكْنَ الْقِيَامِ مُعْتَبَرٌ بِسَائِرِ الْأَرْكَانِ كَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ فِيهَا شَيْئَيْنِ التَّكْبِيرَ وَالْقِيَامَ فَكَمَا أَنَّ تَرْكَ التَّكْبِيرِ يَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ فَكَذَلِكَ تَرْكُ الْقِيَامِ وَالْقِيَامُ هَهُنَا كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَكَمَا لَا تَتَأَدَّى السَّجْدَةُ إلَّا بِهِمَا كَذَا هُنَا

(قَالَ): وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ نِسَاءً لَيْسَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ امْرَأَتُهُ غَسَّلَتْهُ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ أَسْمَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>