للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ تُغَسِّلَهُ وَهَكَذَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: لَوْ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاءَهُ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمِ الْقَائِمِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَإِنَّ الْمَوْتَ مُحَوِّلٌ لِلْمِلْكِ لَا مُبْطِلٌ وَمِلْكُ النِّكَاحِ لَا يَحْتَمِلُ التَّحَوُّلَ إلَى الْوَرَثَةِ فَبَقِيَ مَوْقُوفًا عَلَى الزَّوَالِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَلَوْ ارْتَفَعَ النِّكَاحُ بِالْمَوْتِ فَإِنَّمَا ارْتَفَعَ إلَى خَلْفٍ وَهِيَ الْعِدَّةُ وَهَذِهِ الْعِدَّةُ حَقُّ النِّكَاحِ فَتَقُومُ مَقَامَ حَقِيقَتِهِ فِي إبْقَاءِ حِلِّ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أُمُّ وَلَدِهِ لَمْ تُغَسِّلْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْآخِرِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهَا مُعْتَدَّتُهُ مِنْ فِرَاشٍ صَحِيحٍ فَهِيَ كَالْمَنْكُوحَةِ، وَجْهُ قَوْلِهِ الْآخِرِ إنَّهَا عَتَقَتْ بِالْمَوْتِ فَصَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِالْحَيَاةِ وَالْوَفَاةِ فَلَا يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِهِ حِلُّ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ كَالْعِدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ.

(قَالَ): وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ امْرَأَةٌ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُغَسِّلْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِ طَلَاقٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ ارْتَفَعَ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَالْعِدَّةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلِهَذَا تُقَدَّرُ بِالْأَقْرَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ تُغَسِّلْهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الرِّدَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَرْفَعُ النِّكَاحَ فَقَدْ ارْتَفَعَ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ: النِّكَاحُ كَالْقَائِمِ عَلَى إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ فَارْتَفَعَ بِالرِّدَّةِ وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ فَقَدْ بَقِيَ حِلُّ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ وَكَمَا تَرْفَعُ الرِّدَّةُ مُطْلَقَ الْحِلِّ تَرْفَعُ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَهُوَ حِلُّ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ وَعَلَى هَذَا لَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ وَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لَمْ تُغَسِّلْهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ تُغَسِّلْهُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ حِلُّ الْغُسْلِ عِنْد الْمَوْتِ لَهَا فَلَا يَثْبُتُ بَعْدَهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أُخْتُهَا تَعْتَدُّ مِنْهُ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَكَذَلِكَ الْمَجُوسِيَّةُ إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ لَمْ تُغَسِّلْهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ أَمَتُهُ لَمْ تُغَسِّلهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا يَبْقَى حُكْمًا لِحَاجَتِهِ إلَى مَنْ يُغَسِّلُهُ.

(وَلَنَا) أَنَّهَا قَدْ انْتَقَلَتْ إلَى الْوَارِثِ وَصَارَتْ كَسَائِرِ إمَائِهِ وَهَذَا لِأَنَّ حِلَّ الْمَسِّ يَعْتَمِدُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ لَا مِلْكَ الْمَالِيَّةِ وَمِلْكَ الْمُتْعَةِ فِي الْأَمَةِ تَبَعٌ فَلَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهَا لَهُ بَعْدَ تَحَوُّلِ مَا هُوَ الْأَصْلُ وَهُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ إلَى الْوَارِثِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهِنَّ أَحَدٌ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>