للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حُكْمِ النَّسَبِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَكَمَا أَنَّ هُنَاكَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ دُونَ الْمَوْلَى فَكَذَلِكَ هُنَا.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِفِرَاشِ النِّكَاحِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ فَاسِدًا كَانَ النِّكَاحُ أَوْ جَائِزًا بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَكِنَّهُ يُعْتَقُ بِدَعْوَةِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِرًّا بِحُرِّيَّتِهِ.

وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِ رَجُلٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَادَّعَيَاهُ أَوْ نَفَيَاهُ أَوْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا، وَادَّعَاهُ الْآخَرُ فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَهُوَ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ الْمِلْكِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ ابْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ، وَالْمَوْلَى فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ فِرَاشِ النِّكَاحِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ إثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْ فِرَاشِ الْمِلْكِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ دَعْوَةِ إحْدَى الْإِمَاءِ]

بَابُ دَعْوَةِ إحْدَى الْإِمَاءِ (قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ أَمَةٌ لَهَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَلَدَتْهُمْ فِي بُطُونٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَلَيْسَ لَهُمْ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَقَالَ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ: أَحَدُ هَؤُلَاءِ ابْنِي، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُثْبِتَ نَسَبَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ)؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى نَسَبُهُ مَجْهُولٌ وَنَسَبُ الْمَجْهُولِ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ أَحَدٍ، إنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْمَجْهُولِ مَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لِيَكُونَ مُنْقَطِعًا بِخَطَرِ الْبَيَانِ وَالنَّسَبُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ فَلَا يَثْبُتُ بِالْمَجْهُولِ، وَالْجَارِيَةُ تُعْتَقُ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّ لَهَا بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ وَأُمُّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ بِمَوْتِ مَوْلَاهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَتُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ ثَلَاثَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ النَّسَبِ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ كَانَتْ إقْرَارًا بِالْحُرِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَحَدُهُمْ حُرٌّ فَيُعْتَقُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُعْتَقُ مِنْ الْأَكْبَرِ ثُلُثُهُ وَمِنْ الْأَوْسَطِ نِصْفُهُ وَالْأَصْغَرُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْأَكْبَرَ إنْ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالدَّعْوَةِ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْأَوْسَطَ أَوْ الْأَصْغَرَ لَمْ يُعْتَقْ الْأَكْبَرُ فَهُوَ حُرٌّ فِي حَالٍ، عَبْدٌ فِي حَالَيْنِ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ.

وَأَمَّا الْأَوْسَطُ فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودَ فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْأَكْبَرَ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ فَيُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى كَمَا تُعْتَقُ أُمُّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْأَصْغَرَ لَمْ يُعْتَقْ الْأَوْسَطُ فَهُوَ يُعْتَقُ فِي حَالَيْنِ، وَلَا يُعْتَقُ فِي حَالٍ، وَأَحْوَالُ الْإِصَابَةِ حَالَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ بِخِلَافِ حَالِ الْحِرْمَانِ فَلِهَذَا يُعْتَقُ نِصْفُهُ.

فَأَمَّا الْأَصْغَرُ فَهُوَ حُرٌّ بِيَقِينٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْأَوْسَطَ أَوْ الْأَكْبَرَ إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَعْتَبِرْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>