مَوْلَاهُ فِي إمْسَاكِ دَابَّتِهِ
(قَالَ) وَلَا يُخْرِجُ الْمِنْبَرَ فِي الْعِيدَيْنِ لِمَا رَوَيْنَا وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ فِي الْعِيدَيْنِ عَلَى نَاقَتِهِ» وَالنَّاسُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى يَوْمِنَا هَذَا اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ إخْرَاجِ الْمِنْبَرِ وَلِهَذَا اتَّخَذُوا فِي الْمُصَلَّى مِنْبَرًا عَلَى حِدَةٍ مِنْ اللَّبِنِ وَالطِّينِ وَاتِّبَاعُ مَا اُشْتُهِرَ الْعَمَلُ بِهِ فِي النَّاسِ وَاجِبٌ.
(قَالَ) وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ اتَّبَعَهُ الْمُؤْتَمُّ إلَّا أَنْ يُكَبِّرَ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُجْتَهِدٌ فَإِذَا حَصَلَ فِعْلُهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ وَجَبَ مُتَابَعَتُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَإِذَا كَبَّرَ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ فِعْلُهُ خَطَأً مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ وَلَا مُتَابَعَةَ فِي الْخَطَأِ فَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يُتَابِعُهُ إلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً ثُمَّ يَسْكُتُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُتَابِعُهُ إلَى سِتَّ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً لِأَنَّ فِعْلَهُ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ فَلَعَلَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ مُرَادَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثَلَاثَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً زَوَائِدَ فَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ صَارَتْ سِتَّ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً فَلِاحْتِمَالِ هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَتَيَقَّنُ بِخَطَئِهِ فَيُتَابِعُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ سَمِعَ التَّكْبِيرَ مِنْ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ يُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِ الْمُنَادِي فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ التَّكْبِيرَاتِ وَإِنْ كَثُرَتْ لِجَوَازِ أَنَّ هَذَا الْخَطَأَ مِنْ الْمُنَادِي فَلَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا كَانَ الْمَتْرُوكُ مَا أَتَى بِهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْتِيُّ بِهِ مَا أَخْطَأَ بِهِ الْمُنَادِي فَلِهَذَا لَا يَدَعُ شَيْئًا مِنْهَا وَقَدْ قَالُوا: إذَا كَانَ يُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِ الْمُنَادِي يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ لِجَوَازِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ كَانَ خَطَأً مِنْ الْمُنَادِي وَإِنَّمَا كَبَّرَ الْإِمَامُ لِلِافْتِتَاحِ الْآنَ ثُمَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَأْتِي بِثَنَاءِ الِافْتِتَاحِ عَقِيبَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ قَبْلَ الزَّوَائِدِ إلَّا فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ يَقُولُ: يَأْتِي بِالثَّنَاءِ بَعْدَ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فَأَمَّا التَّعَوُّذُ فَيَأْتِي بِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَقِيبَ ثَنَاءِ الِافْتِتَاحِ قَبْلَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ الزَّوَائِدِ حِينَ يُرِيدُ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهَا لِلْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ وَبَيَانُ هَذَا فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
[بَابُ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]
اتَّفَقَ الْمَشَايِخُ مِنْ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute