مُوَافِقًا لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَأَنْ يَفْعَلَ كَمَا قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ كَانَ آتِيًا بِالتَّكْبِيرَاتِ عَقِيبَ ذِكْرٍ هُوَ فَرْضٌ جَامِعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ وَهُوَ أَصْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا بَيَّنَّا
(قَالَ): وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ خُرُوجٌ فِي الْعِيدَيْنِ وَقَدْ كَانَ يُرَخَّصُ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنِّي أَكْرَهُ ذَلِكَ يَعْنِي لِلشَّوَابِّ مِنْهُنَّ فَقَدْ أُمِرْنَ بِالْقَرَارِ فِي الْبُيُوتِ وَنُهِينَ عَنْ الْخُرُوجِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ فَأَمَّا الْعَجَائِزُ فَيُرَخَّصُ لَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْجَمَاعَةِ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَلَا يُرَخَّصُ لَهُنَّ فِي الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْجُمَعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُرَخَّصُ لِلْعَجَائِزِ فِي حُضُورِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَفِي الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي خُرُوجِ الْعَجَائِزِ فِتْنَةٌ وَالنَّاسُ قَلَّ مَا يَرْغَبُونَ فِيهِنَّ وَقَدْ كُنَّ يَخْرُجْنَ إلَى الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدَاوِينَ الْمَرْضَى وَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيَطْبُخْنَ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ فِي صَلَوَاتِ اللَّيْلِ تَخْرُجُ الْعَجُوزُ مُسْتَتِرَةً وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ تَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَظَرِ الرِّجَالِ إلَيْهَا بِخِلَافِ صَلَوَاتِ النَّهَارِ وَالْجُمُعَةُ تُؤَدَّى فِي الْمِصْرِ فَلِكَثْرَةِ الزِّحَامِ رُبَّمَا تُصْرَعُ وَتُصْدَمُ وَفِي ذَلِكَ فِتْنَةٌ فَإِنَّ الْعَجُوزَ إذَا كَانَ لَا يَشْتَهِيهَا شَابٌّ يَشْتَهِيهَا شَيْخٌ مِثْلُهَا وَرُبَّمَا يَحْمِلُ فَرْطُ الشَّبَقِ الشَّابَّ عَلَى أَنْ يَشْتَهِيَهَا وَيَقْصِدَ أَنْ يَصْدِمَهَا فَأَمَّا صَلَاةُ الْعِيدِ فَتُؤَدَّى فِي الْجَبَّانَةِ فَيُمْكِنُهَا أَنْ تَعْتَزِلَ نَاحِيَةً عَنْ الرِّجَالِ كَيْ لَا تُصْدَمَ. ثُمَّ إذَا خَرَجْنَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُصَلِّينَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْخُرُوجِ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلِيَخْرُجْنَ إذَا خَرَجْنَ تَفِلَاتٍ» أَيْ غَيْرِ مُتَطَيِّبَاتٍ وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُصَلِّينَ الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا خُرُوجُهُنَّ لِتَكْثِيرِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ جَاءَ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَخْرُجْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعِيدَيْنِ حَتَّى ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تُصَلِّي فَظَهَرَ أَنَّ خُرُوجَهُنَّ لِتَكْثِيرِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ فِي زَمَانِنَا
(قَالَ): وَلِلْمَوْلَى مَنْعُ عَبْدِهِ مِنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِأَنَّ خِدْمَتَهُ حَقُّ مَوْلَاهُ وَفِي خُرُوجِهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَوْلَى فِي خِدْمَتِهِ وَإِضْرَارٌ بِهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ مُسْتَثْنًى مِنْ حَقِّ الْمَوْلَى. وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِيمَا إذَا حَضَرَ مَعَ مَوْلَاهُ لِيَحْفَظَ دَابَّتَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يُخِلُّ بِحَقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute