للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ ذَلِكَ أَرْشَ جِنَايَتِهَا وَيُمْسِكَ مَا بَقِيَ مَعَهَا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ أَرْشَ جِنَايَتِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْلَاكِهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَجِنَايَةُ الْوَلَدِ عَلَيْهَا هُنَاكَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِحَقِّ الْأُمِّ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً لِحَقِّ وَلِيِّ جِنَايَتِهَا وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَوَلِيُّ جِنَايَتِهَا فَقَالَ الْوَلِيُّ جَنَتْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ ثُمَّ فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَهَا فَالْأَرْشُ لِي وَقَالَ الْمَوْلَى جَنَتْ بَعْدَ الْفَقْءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْوَلِيَّ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ مَالٍ فِي يَدِ الْمَوْلَى وَيَدَّعِي تَارِيخًا فِي جِنَايَتِهِ سَابِقًا عَلَى وُجُوبِ الْأَرْشِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا فَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي جَنَى عَلَيْهَا الْقَتِيلُ نَفْسَهُ أَوْ وَلِيَّهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ سَبْقَ تَارِيخٍ يَدَّعِيه الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَوْلَى إثْبَاتُ مَا يَدَّعِيه بِالْبَيِّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ فِي الْبِئْرِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَلِمَ بِمَا حَفَرَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْحَافِرَ عِنْدَ الْوُقُوعِ يَصِيرُ جَانِيًا بِسَبَبِ الْحَفْرِ السَّابِقِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحَفْرَ كَانَ تَعَدِّيًا مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ اتَّصَلَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْوُقُوعِ فَيَصِيرُ جَانِيًا عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْحَفْرِ كَالْمُعَلَّقِ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِالشَّرْطِ فَعِنْدَ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ يَصِيرُ مُطَلِّقًا وَمُعْتَقًا بِالْكَلَامِ السَّابِقِ وَذَلِكَ الْفِعْلُ كَانَ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى وَمُوجِبُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ وَاسْتِحْقَاقُ نَفْسِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَقَدْ أَتْلَفَهُ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَصِرْ مُخْتَارًا إمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْحَفْرِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَنْ يَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَكَانَ مُسْتَهْلِكًا لِلْعَبْدِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ اشْتَرَكَا فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ صَارَ جَانِيًا عَلَى الثَّانِي بِالسَّبَبِ الَّذِي بِهِ صَارَ جَانِيًا عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْحَفْرُ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الثَّابِتِ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَالْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ مَا اسْتَهْلَكَ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّ تِلْكَ الْقِيمَةَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ فَهُوَ وَارِثُهُ تَرِكَةً فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ مَا عَتَقَ فَقَدْ طَهُرَ مِنْ تِلْكَ الْجِنَايَةِ وَالْتَحَقَ هُوَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ وَقَعَ الْعَبْدُ فِيهَا فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ كَالْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ الْحَفْرِ السَّابِقِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ حِينَ أَعْتَقَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ جَانِيًا حُكْمًا وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْجَانِيَ بِالْحَفْرِ هُوَ الْمَوْلَى حَتَّى إنَّ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>