الْمُتَشَفِّعَةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا يَطُوفُ إلَّا حَافِيًا، وَإِذَا كَانَ يَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَ الْخُفَّيْنِ أَوْ النَّعْلَيْنِ إذَا كَانَا طَاهِرَيْنِ فَالطَّوَافُ أَوْلَى
(قَالَ) وَاسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِي حَسَنٌ، وَتَرَكَهُ لَا يَضُرُّهُ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَسْتَلِمُهُ وَلَا يَتْرُكُهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْتَلِمُهُ، وَيُقَبِّلُ يَدَهُ وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَ هَكَذَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِي، وَلَمْ يُقَبِّلْهُ»، وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرْوِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِي، وَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَيْهِ»، وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرْوِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَلَمَ الرُّكْنَيْنِ يَعْنِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدِ، وَالْيَمَانِي» فَهُوَ دَلِيلٌ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ كُلَّ رُكْنٍ يَكُونُ اسْتِلَامُهُ مَسْنُونًا فَتَقْبِيلُهُ كَذَلِكَ مَسْنُونٌ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَبِالِاتِّفَاقِ هُنَا التَّقْبِيلُ لَيْسَ بِمَسْنُونٍ فَكَذَا الِاسْتِلَامُ
(قَالَ) وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ اسْتَلَمَ الْأَرْكَانَ الْأَرْبَعَةَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا تَسْتَلِمْ الرُّكْنَيْنِ فَقَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ بِمَهْجُورٍ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْقِيَاسُ يَنْفِي اسْتِلَامَ الرُّكْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ تَعْظِيمِ الْبُقْعَةِ كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي الْحَجَرِ بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ ثُمَّ الرُّكْنَانِ الْآخَرَانِ لَيْسَا مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ قَصَّرُوا الْبَيْتَ عَنْ قَوَاعِدِ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه، وَعَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا يَسْتَلِمُهُمَا
[الرَّمْي أَثْنَاء الطَّوَاف]
(قَالَ) وَإِنْ رَمَلَ فِي طَوَافِهِ كُلِّهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ عَلَى هَيْئَتِهِ فِي الْأَشْوَاطِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْآدَابِ، وَبِتَرْكِ الْآدَابِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
(قَالَ) وَإِنْ مَشَى فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَوْ فِي بَعْضِهَا ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لَمْ يَرْمُلْ فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الرَّمَلَ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ سُنَّةٌ فَإِذَا فَاتَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا لَا تُقْضَى، وَالْمَشْيُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخَرِ مِنْ آدَابِ الطَّوَافِ أَوْ مِنْ السُّنَنِ فَإِنْ تَرَكَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مَا هُوَ سَنَتُهَا لَا يَتْرُكُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُخَرِ مَا هُوَ سَنَتُهَا
(قَالَ) وَإِنْ جَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ زَحْفًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْتَزِمُ بِالنَّذْرِ مَا يَتَنَفَّلُ بِهِ أَوْ مَا يَكُونُ قُرْبَةً فِي نَفْسِهِ، وَأَصْلُ الطَّوَافِ قُرْبَةٌ فَأَمَّا الزَّحْفُ مِنْ أَفْعَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ فِي شَرِيعَتِنَا فَلَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الصِّفَةُ بِالنَّذْرِ، وَإِنْ طَافَ كَذَلِكَ زَحْفًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ طَافَ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا عَلَى مَا بَيَّنَّا
(قَالَ) وَإِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ، وَرَاءِ زَمْزَمَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ظُلَّةِ الْمَسْجِدِ أَجْزَأَهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَطَوَافُهُ يَكُونُ بِالْبَيْتِ فَيَصِيرُ بِهِ مُمْتَثِلًا لِلْأَمْرِ فَأَمَّا إذَا طَافَ مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ فَكَانَتْ حِيطَانُهُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ لَمْ يُجْزِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute