عَلَيْهِ طَوَافُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ»، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ تَشْبِيهُ الطَّوَافِ بِالصَّلَاةِ فِي الثَّوَابِ لَا فِي الْأَحْكَامِ فَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ مُفْسِدًا لِلطَّوَافِ
(قَالَ)، وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَشْتَغِلُونَ فِيهِ بِالذِّكْرِ وَالثَّنَاءِ فَقَلَّ مَا يَسْتَمِعُونَ لِقِرَاءَتِهِ.
وَتَرْكُ الِاسْتِمَاعِ عِنْدَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ الْجَفَاءِ فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِذَلِكَ صِيَانَةً لِلنَّاسِ عَنْ هَذَا الْجَفَاءِ، وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَتِهِ فِي نَفْسِهِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ فِي طَوَافِهِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي نَفْسِهِ، وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِالذِّكْرِ فِي الطَّوَافِ، وَأَشْرَفُ الْأَذْكَارِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ
(قَالَ) وَإِنْ طَافَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الرَّجُلِ لَمْ تُفْسِدْ عَلَيْهِ طَوَافَهُ يُرِيدُ بِهِ بِسَبَبِ الْمُحَاذَاةِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ فِي الْأَحْكَامِ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ، وَمُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ إنَّمَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ إذَا كَانَا يَشْتَرِكَانِ فِي الصَّلَاةِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِكَا فَلَا، وَهُنَا لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِي الطَّوَافِ
(قَالَ) وَإِذَا خَرَجَ الطَّائِفُ مِنْ طَوَافِهِ لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَوْ جِنَازَةٍ أَوْ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ ثُمَّ عَادَ بَنَى عَلَى طَوَافِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَحْكَامِ فَالِاشْتِغَالُ فِي خِلَالِهِ بِعَمَلٍ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ خَرَجَ لِجِنَازَةٍ ثُمَّ عَادَ فَبَنَى عَلَى الطَّوَافِ
(قَالَ) وَإِنْ أَخَّرَ الطَّائِفُ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَضُرَّهُ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(قَالَ) وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلِلْغُرَبَاءِ الطَّوَافُ فَإِنَّ التَّطَوُّعَ مِنْ الصَّلَاةِ عِبَادَةٌ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ تَشْمَلُ عَلَى أَرْكَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَالِاشْتِغَالُ بِهَذَا أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِطَوَافِ التَّطَوُّعِ إلَّا أَنَّ فِي حَقِّ الْغُرَبَاءِ الطَّوَافَ يَفُوتُهُ، وَالصَّلَاةُ لَا تَفُوتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الصَّلَاةِ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الطَّوَافِ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الطَّوَافِ إلَّا فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَالِاشْتِغَالُ فِي هَذَا الْمَكَانِ بِمَا يَفُوتُهُ أَوْلَى كَالِاشْتِغَالِ بِالْحِرَاسَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا الْمَكِّيُّ لَا يَفُوتُهُ الطَّوَافُ، وَلَا الصَّلَاةُ فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِالصَّلَاةِ فِي حَقِّهِ أَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا
(قَالَ) رَجُلٌ طَافَ أُسْبُوعًا، وَشَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ مِنْ أُسْبُوعٍ آخَرَ ثُمَّ ذُكِرَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أُسْبُوعَيْنِ قَالَ يُتِمُّ الْأُسْبُوعَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ، وَعَلَيْهِ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَارِعًا فِي الْأُسْبُوعِ الثَّانِي مُؤَكِّدًا لَهُ بِشَوْطٍ أَوْ شَوْطَيْنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهُ كَمَنْ قَامَ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَقَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ كَانَ عَلَيْهِ إتْمَامُ الشَّفْعِ الثَّانِي ثُمَّ كُلُّ أُسْبُوعٍ سَبَبُ الْتِزَامِ رَكْعَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَانِ
(قَالَ) وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَطُوفَ، وَعَلَيْهِ خُفَّاهُ أَوْ نَعْلَاهُ إذَا كَانَا طَاهِرَيْنِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا رَدًّا عَلَى