الِاسْتِحْقَاقِ الْأَخْذُ وَعِنْدَ الْأَخْذِ هُوَ رَاجِلٌ فَيَسْتَحِقُّ سَهْمَ الرَّاجِلِ كَمَا لَوْ نَفَقَ فَرَسُهُ قَبْلَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ وَهَذَا لِأَنَّ سَهْمَ الْفَرَسِ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ سَهْمِ صَاحِبِهِ.
[مَاتَ الْغَازِي بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ]
وَلَوْ مَاتَ الْغَازِي بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَإِذَا نَفَقَ الْفَرَسُ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ بِفَرَسِهِ كَمَا يَسْتَحِقُّ الرَّضْخَ بِعَبْدِهِ وَلَوْ مَاتَ عَبْدُهُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهِ شَيْئًا فَكَذَلِكَ الْفَرَسُ (وَحُجَّتُنَا) أَنَّهُ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا عَلَى قَصْدِ الْجِهَادِ فَيَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ كَمَا لَوْ كَانَ فَرَسُهُ قَائِمًا وَقَاتَلَ رَاجِلًا وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْفَرَسِ لِمَعْنَى إرْهَابِ الْعَدُوِّ بِهِ وَقَدْ حَصَلَ بِهِ وَالْجَيْشُ إنَّمَا يَعْرِضُ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ فَمَنْ كَانَ فَارِسًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَثْبَتَ اسْمَهُ فِي دِيوَانِ الْفُرْسَانِ فَقَدْ حَصَلَ إرْهَابُ الْعَدُوِّ بِفَرَسِهِ لِأَنَّهُ يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُ دَخَلَ كَذَا وَكَذَا فَارِسٍ وَقَلَّ مَا يَعِيشُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْقَهْرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ إعْزَازُ الدِّين وَذَلِكَ بِدُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ عَلَى قَصْدِ الْجِهَادِ فَإِذَا كَانَ هُوَ عِنْدَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ مُلْتَزِمًا مُؤْنَةَ الْفَرَسِ عَلَى قَصْدِ الْجِهَادِ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ وَبِالْإِجْمَاعِ لَا مُعْتَبَرَ بِبَقَاءِ الْفَرَسِ إلَى حَالِ تَمَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَقَ فَرَسُهُ بَعْدَ الْقِتَالِ قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ حَالَ انْعِقَادِ السَّبَبِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ لِأَنَّ مَعْنَى إرْهَابِ الْعَدُوِّ وَالْقَهْرُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْفَارِسُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ وَلَا يَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَحِقِّ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مُنْعَقِدًا.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْفَرَاغِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ عِنْدَنَا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَالْعَبْدُ آدَمِيٌّ كَالْحُرِّ ثُمَّ الرَّضْخُ لَيْسَ نَظِيرَ السَّهْمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِشَيْءٍ فَلَا يَسْتَقِيمُ اعْتِبَارُ السَّهْمِ بِمَا دُونَهُ.
وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ بَعْدَ مَا جَاوَزَ الدَّرْبَ قَبْلَ الْقِتَالِ فَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي دِيوَانِ الْفُرْسَانِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الرَّجَّالَةِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ مَا كَانَ قَصْدُهُ مِنْ الْتِزَامِ مُؤْنَةِ الْفَرَسِ الْقِتَالَ عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَ قَصْدُهُ التِّجَارَةَ وَبِمُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ عَلَى قَصْدِ التِّجَارَةِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ فَرَسُهُ وَلِأَنَّهُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَيَكُونُ بِهِ مُسْقِطًا حَقَّهُ وَبِالْمَوْتِ مَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَلْ هُوَ مُصَابٌ فِي ذَلِكَ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ مِنْ الْتِزَامِ مُؤْنَةِ الْفَرَسِ عَدَمَ الْقِتَالِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالْبَيْعِ فِيهِ وَاخْتَلَفَ مَشَايِخنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute