للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ تَمَّ الشَّرْطُ.

وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ فَقَدْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ

وَلَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَبَدًا أَوْ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا فَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِحَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْدَ تَصْرِيحِهِ بِالتَّأْبِيدِ أَوْ بَعْدَ التَّوْقِيتِ نَصًّا بَلْ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَوَصِيَّتُهَا بَاطِلَةٌ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتِقُوهَا إنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِنْدِ وَلَدِي إلَى شَهْرٍ أَوْ قَالَ: هِيَ حُرَّةٌ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ شَهْرًا فَإِذَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الشَّهْرِ أَوْ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ وَلَدِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ لَهَا لِفَوَاتِ الشَّرْطِ

وَلَوْ أَوْصَى لَهَا بِالْعِتْقِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فُلَانًا بِعَيْنِهِ فَقَبِلَتْ ذَاكَ عَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الشَّرْطَ مُطْلَقًا فَيَتَنَاوَلُ الْأَدْنَى وَيَتِمُّ بِوُجُودِ ذَلِكَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ سَاعَةً فَيَجِبُ إعْتَاقُهَا وَبَعْدَ مَا عَتَقَتْ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا إلَى الرِّقِّ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهَا بِالْعِتْقِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فُلَانًا بِعَيْنِهِ أَبَدًا فَقَبِلَتْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّا عِلْمنَا أَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَ عِتْقِهَا امْتِنَاعَهَا عَنْ التَّزَوُّجِ أَبَدًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْعِتْقُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ شَرْطٌ وَإِنَّمَا شَرَطَ قَبُولَهَا ذَلِكَ وَامْتِنَاعَهَا مِنْ التَّزَوُّجِ بَعْدَ مَوْتِهِ سَاعَةً وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمَوْلَى فِي هَذَا الشَّرْطِ فَفَوَاتُهُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا السِّعَايَةَ فِي شَيْءٍ بَعْدَ مَا عَتَقَتْ.

وَإِنْ كَانَ فُلَانًا ذَلِكَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَقَدْ أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَأَبَتْ أَنْ تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ فِي التَّزَوُّجِ بِهِ مَنْفَعَةُ الْوَارِثِ وَاشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ لِوَارِثِهِ عَلَيْهَا كَاشْتِرَاطِهِ مَنْفَعَةً لِنَفْسِهِ.

وَلَوْ أَعْتَقَهَا فِي حَيَاتِهِ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ فَأَبَتْ كَانَتْ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُوجِبُهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهَا يَلْزَمُهَا رَدُّ مَا بِمُقَابَلَتِهِ وَالْعِتْقُ بَعْدَ مَا نَفَذَ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ فَكَانَ الرَّدُّ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهَا

وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ عَلَى أَنْ لَا يُفَارِقَ وَلَدَهُ أَبَدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُمْ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ وَصِيَّةِ الْأَبِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ جَازَ عِتْقُ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ عَيْنٌ مُحِيطٌ لَا يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآخَرِ.

وَإِذَا نَفَذَ الْعِتْقُ مِنْهُمْ ضَمِنُوا الدَّيْنَ لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِمَالِيَّةِ رَقَبَتِهِ وَقَدْ أَتْلَفُوا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِالْإِعْتَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ وَصِيَّةِ الصَّبِيِّ وَالْوَارِثِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا أَوْصَى الصَّبِيُّ بِوَصِيَّةٍ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>